من النساء، وأما العجائز فلا بأس بخروجهن إلى المواضع المذكورة! ومقتضى الغيرة أن يمنعن من استماع الكلمات الملهية والحكايات المهيجة للشهوة، وعن مجالسة العجائز اللاتي يحضرن مجامع الرجال وينقلن حكاياتهم وقصصهم لأنهن ناقصات العقل والإيمان، ومع ذلك شهوتهن في غاية القوة والغلبة، فاستماعهن لشئ من المذكورات يوجب ثوران الشهوة وهيجانها فيهن، فلما لم يكن فيهن قاهر العقل ومانع الإيمان فربما أدى ذلك إلى فساد عظيم.
ولذلك ورد في الأخبار منعهن عن تعلم سورة يوسف عليه السلام، إذ استماعهن الأمثال القصة المذكورة فيها ربما أدى إلى انحرافهن عن طريق العفة. قال أمير المؤمنين (ع): " لا تعلموا نساءكم سورة يوسف ولا تقرؤهن إياها فإن فيها الفتن، وعلموهن سورة النور فإن فيها المواعظ ".
وقال (ع): " لا تحملوا الفروج على السروج فتهيجوهن للفجور ". وقال رسول الله (ص): " لا تنزلوا النساء الغرف ولا تعلموهن الكتابة وعلموهن الغزل وسورة النور ".
وبالجملة: مقتضى العقل والنقل أن يمنعن عن جميع ما يمكن أن يؤدي إلى فساد وريبة. وعن مبادئ الأمور التي تخاف غوائلها، وينبغي لصاحب الغيرة أن يجعل نفسه مهيبا في نظرها، حتى تكون منه على خوف وحذر، ولا تطمئن منه فتتبع هواها وما تقتضيه جبلتها، وأن يجعلها مشغولة في كل وقت بأمر من الأمور، كتدبير المنزل وإصلاح أمر المعيشة، أو بكسب من المكاسب، حتى يكون لها دائما شغل شاغل، ولا تكون فارغة عنه في وقت من الأوقات، إذ لو خلت عن الأشغال وتعطلت عن المهمات أوقعها الشيطان في أودية الأفكار الردية، فتميل إلى الزينة والخروج والتفرج، والنظر إلى أجانب الرجال، والملاعبة والمضاحكة للنسوان، فينجر أمرها إلى الفساد. وينبغي أيضا لصاحب الغيرة أن يعطي امرأته ما تحتاج إليه من القوت واللباس وسائر الضروريات، حتى لا تضطر إلى ارتكاب ما لا ينبغي من الحركات والأفعال توصلا إلى أخذ شئ من ذلك من غير زوجها.
ثم ينبغي ألا توقعه الغيرة في طرف الإفراط فيبالغ في إساءة الظن والتعنت وتجسس البواطن، فقد نهى رسول الله (ص): " أن يتبع عورات النساء