بل مع جريانها فيها، فإنه لا يقيد إلا في ترتيب الآثار المترتبة على نفس السلامة، وأما آثار المترتبة بواسطة الثقة بها فلا، ولو قيل بالأصل المثبت، فإن نفي الغرر يكون ملازما للوثوق بها، وهكذا حال كل أمارة وأصل محرز لها شرعا، فإن كان مع قطع النظر عن اعتباره واقعا للغرر فهو، وإلا فلا يجدي اعتباره، كما مرت الإشارة إليه غير مرة.
إن قلت: إذا كان بناء العقلاء على السلامة في الأعيان، والاقتحام في المهام مع الشك فيها بناء عليها كانت أصالة السلامة واقعا للغرر والخطر، وإلا فكيف وقع منهم الاقدام في الغرر والخطر؟
قلت: بناء العقلاء على السلامة مع الشك فيها، إنما يجدي في جواز الاقدام على ما لا يؤمن ضرره، لأجل عدم سلامته وعدم قبح الاقتحام فيه، لا في حصول الأمن ورفع الغرر المعتبر في الصحة شرعا، فتدبر.
قوله (قدس سره): (ومتى كانت مقصوده لا على هذا الوجه، فلم يجب احرازها - الخ -).
حيث كانت السلامة حينئذ كسائر الأوصاف المحتملة التي لا يعتنى بها كانت، أو لم تكن بلا تفاوت أصلا، فلا يكون مع عدم احرازها خطر، فلا غرر، لكن هذا فيما إذا كانت كذلك نوعا، وأما إذا كانت كذلك شخصا وعند خصوص المتبايعين، فلا يجدي في رفع الغرر، بل اقتحام منهما فيه، لعدم المبالاة بغرره، كما هو الحال في جميع الموارد الغررية التي يقتحم فيها، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (ولكن الانصاف أن مطلق العيب - الخ -).
بل الانصاف، بعد الاعتراف بأن الشك في السلامة عن بعض العيوب لا يستلزم الغرر كما منه (قدس سره) وقد أوضحناه في الحاشية السابقة، فلا وجه لوجوب احراز السلامة عنه لعدم الغرر، مع احتماله، ضرورة أن الغرر والخطر إنما يكون فيما يتفاوت الحال مع هذا العيب والسلامة عنه، لا فيما لا يتفاوت أصلا، ضرورة أنه مع احتمال عدم نبات الشعر في عانة الجارية مثلا، لا غرر عرفا، فلا يكون المستفاد من كلماتهم مخالفا لقاعدة نفي