لأن الاستثناء في الحقيقة تحديد ما هو المبيع وتعبيته، والبيع إنما تعلق في الواقع بما بقي الاستثناء من المستثنى منه، فتدبر جيدا.
قوله (قدس سره): (فيجئ مسألة الاندار للحاجة إلى تعيين ما يستحقه البايع من الدراهم - الخ -).
بل للحاجة إلى تعيين الثمن، فإنه لو لم يكن الاندار لم يعلم أن الثمن أي مقدار، وأنه مثلا ثمانية دراهم أو عشرة، ولا أظن اكتفائهم فيما يباع على نحو التسعير بتعين مقدار الثمن بعد البيع فيكون الاندار لتعيين ما يستحقه البايع، وبالجملة بعد البناء على الاكتفاء في تعيين مقدار المبيع بوزنه مع ظرفه، لا بد من ايقاع البيع فيما يباع على وجه التسعير بعد ما تعيين مقدار الثمن بالاندار لئلا يقع بإزاء المجهول بحسب المقدار وعليه فالمدار فيه على ما تراضيا عليه تعارف به الاندار عند التجار أو لا، علم زيادته أو نقيصته أو احتمل، كما لا يخفى.
وقد انقدح بذلك عدم توجه الاعتراض على اعتبار التراضي بأنه لا يدفع غررا، ولا يصح عقدا، حيث ظهر أن اعتبار التراضي ليس لأجل دفع الغرر، بل لأجل اعتباره العقد، فهو يصحح العقد وإن لم يدفع الغرر. فتدبر.
نعم لو كان الاندار لأجل عدم الاكتفاء في تعيين المظروف بوزنه مع ظرفه، واعتباره في الجملة في تعيينه بوزنه كذلك لتوجه الاعتراض، فافهم.
قوله (قدس سره): (وكيف كان فالذي يقوى في النظر - الخ -).
قد عرفت أن الاندار إذا لم يكن له دخل في صحة بيع المظروف، وكفاية وزنه مع ظرفه في صحته، وكان لتعيين مقدار الثمن، لم يعتبر فيه إلا التراضي، وإن علم أنه يزيد أو ينقص. نعم لو قيل بصحة البيع على وجه تعيين الثمن بالتسعير، من دون تعيين مقداره إلا بعد البيع، كان المقدار الثمن من الدراهم بمقدار ما للمبيع من الأرطال مثلا، كان الاندار لتعيين ذاك المقدار، فلا بد من أن لا يزيد ولا ينقص علما، أو تعبدا، حيث لم يرضيا إلا بما هو الثمن، وأصالة عدم زيادة المبيع عليه، لا يثبت أن مقداره ما بقي بعد