المحقق الأردبيلي رحمه الله، حيث إنه - بعدما وجه استثناء المراثي وغيرها من الغناء، بأنه ما ثبت الإجماع إلا في غيرها، والأخبار ليست بصحيحة صريحة في التحريم مطلقا - أيد استثناء المراثي بأن البكاء والتفجع مطلوب مرغوب، وفيه ثواب عظيم، والغناء معين على ذلك، وأنه متعارف دائما في بلاد المسلمين من زمن المشايخ إلى زماننا هذا من غير نكير. ثم أيده بجواز النياحة وجواز أخذ الأجر عليها، والظاهر أنها لا تكون إلا معه، وبأن تحريم الغناء للطرب على الظاهر، وليس في المراثي طرب، بل ليس إلا الحزن (1)، انتهى.
وأنت خبير بأن شيئا مما ذكره لا ينفع في جواز الغناء على الوجه الذي ذكرناه.
أما كون الغناء معينا على البكاء والتفجع، فهو ممنوع، بناء على ما عرفت من كون الغناء هو " الصوت اللهوي "، بل وعلى ظاهر تعريف المشهور من " الترجيع المطرب "، لأن الطرب الحاصل منه إن كان سرورا فهو مناف للتفجع، لا معين، وإن كان حزنا فهو على ما هو المركوز في النفس الحيوانية من فقد المشتهيات النفسانية، لا على ما أصاب سادات الزمان، مع أنه على تقدير الإعانة لا ينفع في جواز الشئ كونه مقدمة لمستحب أو مباح، بل لا بد من ملاحظة عموم (2) دليل الحرمة له، فإن كان فهو، وإلا فيحكم بإباحته، للأصل.
وعلى أي حال، فلا يجوز التمسك في الإباحة بكونه مقدمة لغير حرام،