قلبه ليس في نفسه شئ ملزم لفعله أو تركه، فإذا تحقق في ضمن الزنا فقد طرأ عليه عنوان ملزم لتركه، كما أنه إذا أمر به الوالد أو السيد طرأ عليه عنوان ملزم لفعله.
والحاصل: أن جهات الأحكام الثلاثة - أعني الإباحة والاستحباب والكراهة - لا تزاحم جهة الوجوب أو الحرمة، فالحكم لهما مع اجتماع جهتيهما مع إحدى الجهات الثلاث.
ويشهد بما ذكرنا - من عدم تأدي المستحبات في ضمن المحرمات - قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " اقرأوا القرآن بألحان العرب، وإياكم ولحون أهل الفسق (1) والكبائر، وسيجئ بعدي أقوام يرجعون ترجيع الغناء والنوح والرهبانية، لا يجوز تراقيهم، قلوبهم مقلوبة، وقلوب من يعجبه شأنهم " (2).
قال في الصحاح: اللحن واحد الألحان واللحون، ومنه الحديث:
" اقرأوا القرآن بلحون العرب "، وقد لحن في قراءته: إذا طرب بها وغرد، وهو ألحن الناس إذا كان أحسنهم قراءة أو غناء، انتهى (3).
وصاحب الحدائق جعل اللحن في هذا الخبر بمعنى اللغة، أي بلغة العرب (4) وكأنه أراد باللغة " اللهجة "، وتخيل أن إبقاءه على معناه يوجب ظهور الخبر في جواز الغناء في القرآن.