وثانيهما - أن يقال - وحاصل ما قال -: حمل الأخبار المانعة على الفرد الشائع في ذلك الزمان، قال: والشائع في ذلك الزمان الغناء على سبيل اللهو من الجواري وغيرهن في مجالس الفجور والخمور والعمل بالملاهي والتكلم بالباطل وإسماعهن الرجال، فحمل المفرد المعرف - يعني لفظ " الغناء " - على تلك الأفراد الشائعة في ذلك الزمان غير بعيد.
ثم ذكر رواية علي بن جعفر الآتية (1) ورواية " اقرأوا القرآن " المتقدمة، وقوله: " ليست بالتي يدخل عليها الرجال " (2) مؤيدا لهذا الحمل.
قال: إن فيه إشعارا بأن منشأ المنع في الغناء هو بعض الأمور المحرمة المقترنة به كالإلتهاء وغيره - إلى أن قال -: إن في عدة من أخبار المنع عن الغناء إشعارا بكونه لهوا باطلا، وصدق ذلك في القرآن والدعوات والأذكار - المقروة بالأصوات الطيبة المذكرة المهيجة للأشواق إلى العالم الأعلى - محل تأمل.
على أن التعارض واقع بين أخبار الغناء والأخبار الكثيرة المتواترة الدالة على فضل قراءة القرآن والأدعية والأذكار (3) مع عمومها لغة، وكثرتها، وموافقتها للأصل، والنسبة بين الموضوعين عموم من وجه، فإذا لا ريب في تحريم الغناء على سبيل اللهو والاقتران (4) بالملاهي ونحوهما.