بني أمية، فدل على ثبوت الذم لكل ما لو ترك، لم يتحقق المعصية من الغير.
وهذا وإن دل بظاهره على حرمة بيع العنب - ولو ممن يعلم أنه سيجعله خمرا مع عدم قصد ذلك حين الشراء - إلا أنه لم يقم دليل على وجوب تعجيز من يعلم أنه سيهم بالمعصية، وإنما الثابت من النقل والعقل - القاضي بوجوب اللطف - وجوب ردع من هم بها وأشرف عليها بحيث لولا الردع لفعلها أو استمر عليها.
ثم إن الاستدلال المذكور إنما يحسن مع علم البائع بأنه لو لم يبعه لم يحصل المعصية، لأنه حينئذ قادر على الردع، أما لو لم يعلم ذلك، أو علم بأنه يحصل منه المعصية بفعل الغير، فلا يتحقق الارتداع بترك البيع، كمن يعلم عدم الانتهاء بنهيه عن المنكر.
وتوهم أن البيع حرام على كل أحد - فلا يسوغ لهذا الشخص فعله معتذرا بأنه لو تركه لفعله غيره - مدفوع بأن ذلك في ما كان محرما على كل واحد على سبيل الاستقلال، فلا يجوز لواحد منهم الاعتذار بأن هذا الفعل واقع لا محالة ولو من غيري، فلا ينفع تركي له.
أما إذا وجب على جماعة شئ واحد - كحمل ثقيل مثلا - بحيث يراد منهم الاجتماع عليه (1)، فإذا علم واحد من حال الباقي عدم القيام به والاتفاق معه في إيجاد الفعل كان قيامه بنفسه بذلك الفعل لغوا، فلا يجب، وما نحن فيه من هذا القبيل، فإن عدم تحقق المعصية من مشتري العنب موقوف على تحقق ترك البيع من كل بائع، فترك