كان بيع العنب كذلك، كما اعترف به (1) في شرح الإرشاد (2).
فإذا بنينا على أن شرط الحرام حرام مع فعله توصلا إلى الحرام - كما جزم به بعض (3) - دخل ما نحن فيه في الإعانة على المحرم، فيكون بيع العنب إعانة على تملك العنب المحرم مع قصد التوصل به إلى التخمير، وإن لم يكن إعانة على نفس التخمير أو على شرب الخمر.
وإن شئت قلت: إن شراء العنب للتخمير حرام، كغرس العنب لأجل ذلك، فالبائع إنما يعين على الشراء المحرم.
نعم، لو لم يعلم أن الشراء لأجل التخمير لم يحرم وإن علم أنه سيخمر العنب بإرادة جديدة منه. وكذا الكلام في بائع الطعام على من يرتكب المعاصي، فإنه لو علم إرادته من الطعام المبيع التقوي به - عند التملك - على المعصية، حرم البيع منه. وأما العلم بأنه يحصل من هذا الطعام قوة على المعصية يتوصل بها إليها فلا يوجب التحريم.
هذا، ولكن الحكم بحرمة الإتيان بشرط الحرام توصلا إليه قد يمنع، إلا من حيث صدق التجري، والبيع ليس إعانة عليه، وإن كان إعانة على الشراء، إلا أنه في نفسه ليس تجريا، فإن التجري يحصل بالفعل المتلبس بالقصد.
وتوهم أن الفعل مقدمة له فيحرم الإعانة، مدفوع بأنه لم يوجد قصد إلى التجري حتى يحرم وإلا لزم التسلسل، فافهم.