صار إلى طرابلس المغرب، ومنهم من بلغ إلى طنجة وأفراهنجة وإلى السوس الأدنى وإلى السوس الأقصى. قال فغلبت البربر على هذه المدائن فأجلوا الروم عنها ونزلوا فيها. قال: وصار أهل إفريقية وبرقة وجميع البلاد يتقون من ناحية البربر ويخافونهم خوفا شديدا.
قال: فصار إليهم عمرو بن العاص في جيشه ذلك حتى نزل بأول مدينة من مدنهم، قال: وخرجت البربر إلى المسلمين فقاتلوهم، وأظهر الله تبارك وتعالى عليهم المسلمين فقتلوا منهم في يوم واحد نيفا على سبعمائة رجل.
فلما رأت البربر ذلك كرهوا حرب المسلمين فخضعوا وذلوا وأذعنوا وطلبوا الصلح. قال: فصالحهم عمرو بن العاص على ثلاثمائة رأس من السبي ومثلها من الخيل والبغال والحمير ومثلها من البقر والغنم، فأخذ ذلك كله منهم.
ثم سار منها إلى مراقية ولبدة وسبرة وزويلة، فصالح أهل كل مدينة من هذه المدن على ما صالح عليه أهل المدينة الأولى.
ثم سار إلى برقة فلم يترك بساحتها حصنا حتى خرجوا إليه فحاربوه ساعة من النهار ثم إنهم انهزموا من بين أيدي المسلمين فزعين مرعوبين حتى دخلوا مدينتهم برقة وقد قتل منهم من قتل، ثم سألوا الصلح بعد ذلك، فأجابهم إليه عمرو بن العاص، فصالحهم على خمسمائة من السبي، ثلاثمائة غلام ومائتي جارية ومثل ذلك من الماشية (1)، فجمع ذلك كله ثم كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بما فتح الله عز وجل على يده من البلاد وأنه مقيم على باب برقة (2) إلى أن يرد عليه