كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٢ - الصفحة ٢٧٠
صار إلى طرابلس المغرب، ومنهم من بلغ إلى طنجة وأفراهنجة وإلى السوس الأدنى وإلى السوس الأقصى. قال فغلبت البربر على هذه المدائن فأجلوا الروم عنها ونزلوا فيها. قال: وصار أهل إفريقية وبرقة وجميع البلاد يتقون من ناحية البربر ويخافونهم خوفا شديدا.
قال: فصار إليهم عمرو بن العاص في جيشه ذلك حتى نزل بأول مدينة من مدنهم، قال: وخرجت البربر إلى المسلمين فقاتلوهم، وأظهر الله تبارك وتعالى عليهم المسلمين فقتلوا منهم في يوم واحد نيفا على سبعمائة رجل.
فلما رأت البربر ذلك كرهوا حرب المسلمين فخضعوا وذلوا وأذعنوا وطلبوا الصلح. قال: فصالحهم عمرو بن العاص على ثلاثمائة رأس من السبي ومثلها من الخيل والبغال والحمير ومثلها من البقر والغنم، فأخذ ذلك كله منهم.
ثم سار منها إلى مراقية ولبدة وسبرة وزويلة، فصالح أهل كل مدينة من هذه المدن على ما صالح عليه أهل المدينة الأولى.
ثم سار إلى برقة فلم يترك بساحتها حصنا حتى خرجوا إليه فحاربوه ساعة من النهار ثم إنهم انهزموا من بين أيدي المسلمين فزعين مرعوبين حتى دخلوا مدينتهم برقة وقد قتل منهم من قتل، ثم سألوا الصلح بعد ذلك، فأجابهم إليه عمرو بن العاص، فصالحهم على خمسمائة من السبي، ثلاثمائة غلام ومائتي جارية ومثل ذلك من الماشية (1)، فجمع ذلك كله ثم كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بما فتح الله عز وجل على يده من البلاد وأنه مقيم على باب برقة (2) إلى أن يرد عليه

(١) في فتوح البلدان ص ٢٢٥ صالح أهلها على الجزية وهي ثلاثة عشرة ألف دينار يبيعون فيها من أبنائهم من أحبوا بيعه. (اليعقوبي ٢ / ٢١٥٦ معجم البلدان) وكان ذلك في سنة ٢٢.
(٢) في فتوح البلدان ص ٢١٧ أن عمرو بن العاص وصل إلى اطرابلس فكتب إلى عمر بن الخطاب: (إنا قد بلغنا اطرابلس وبينها وبين إفريقيا تسعة أيام، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لها في غزوها فعل.
فكتب إليه عمر ينهاه ويقول: ما هي بإفريقيا ولكنها مفرقة غادرة مغدور بها، وذلك أن أهلها كانوا يؤدون إلى ملك الروم شيئا فكانوا يغدرون به كثيرا). وفي تاريخ اليعقوبي ٢ / 156: ولا يغزوها أحد ما بقيت.
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « 267 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»
الفهرست