بحجر كبير محفور على مثال الحوض (1) وفيه رجل ميت وقد كفن في أكفان منسوجة بالذهب ورأسه مكشوف (2)، قال: فتعجب أبو موسى من ذلك وقال لأهل السوس:
ويحكم من هذا الرجل؟ قالوا: هذا رجل كان بالعراق وكان أهل العراق إذا احتبس عنهم المطر يستسقون به فيسقون، فأصابنا من قحط المطر ما كان يصيب أهل العراق فأرسلنا إليهم وسألناهم أن يدفعوه إلينا حتى نستسقي به فأبوا علينا، فأرهناهم خمسين رجلا وحملناه إلى هذا المكان، ثم استسقينا فسقينا، ورأينا من الرأي أن لا نرده عليهم، فلم يزل مقيما عندنا إلى أن أدركته الوفاة فمات، فهذه قضيته وهذا حاله.
قال: فأقام أبو موسى الأشعري بالسوس وكتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخبره بما فتح الله عز وجل عليه من مناذر وما والاها ومدينة السوس ويذكر في كتا به أمر دانيال. قال: فدعا عمر بأكابر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سألهم عن دانيال هذا، فلم يجد عندهم فيه خبرا، فقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: بلى هذا دانيال الحكيم وهو نبي غير مرسل، غير أنه في قديم الزمان مع بختنصر ومن كان بعده من الملوك. قال: وجعل علي يحدث عمر بقضية دانيال من أولها إلى آخرها إلى وقت وفاته، ثم قال علي: اكتب إلى صاحبك أن يصلي عليه ويدفنه في موضع لا يقدر أهل السوس على قبره، قال: فكتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري بذلك (3)، فلما قرأ أبو موسى كتاب عمر أمر أهل السوس أن يقلبوا نهرهم إلى موضع آخر. ثم أمر بدانيال فكفن أيضا في أكفان فوق التي كانت عليه، ثم صلى عليه هو وجميع أصحابه من المسلمين، ثم أمر بقبره، فحفر في وسط نهر السوس ثم دفنه وأجرى عليه الماء، فيقال إن دانيال مدفون في نهر السوس والماء يجري عليه إلى يومنا هذا - والله أعلم - (4).