عليك بيعتي خطيئتك في عثمان، وإنما كان أهل الحجاز هم الحكام على الناس حين صار الحق فيهم، فلما تركوه صار أهل الشام هم الحكام على أهل الحجاز وغيرهم من الناس، ولعمري ما حجتك علي كحجتك على طلحة والزبير، ولا حجتك على أهل الشام كحجتك على أهل البصرة! ولان طلحة والزبير قد كانا بايعاك ولم أبايعك، وبايعك (1) أهل البصرة ولم يبايعك أهل الشام، وأما فضلك في الاسلام وقرابتك من الرسول صلى الله عليه وسلم وموضعك من بني هاشم فلست أدفعه - والسلام -.
قال: ثم دعا معاوية بشاعر أهل الشام واسمه كعب بن جعيل الثعلبي، فقال له: قل أبياتا من الشعر وأثبتهم في هذا الكتاب! فأثبت في آخره أبياتا مطلعها (2):
أرى الشام تكره أهل (3) العراق * وأهل العراق لهم كارهونا إلى آخرها.
قال: فلما انتهى الكتاب إلى علي رضي الله عنه وقرأه كتاب إلى معاوية (4): أما بعد! فإنه أتاني كتاب امرئ ليس له هاد يهديه ولا قائد يرشده (5)، دعاه الهوى فأجابه، وقاده الغي فاتبعه، زعمت أنه إنما أفسد عليك بيعتي خطيئتي في عثمان، ولعمري ما كنت إلا رجلا من المهاجرين! أوردت كما أوردوا، وأصدرت كما أصدروا، وما كان الله ليجمعهم على ضلال ولا يضربهم بعمى، وأما ما زعمت أن أهل الشام هم الحكام على أهل الحجاز، فهات رجلين من قريش الشام يقبل الشورى أو تحل لهما الخلافة، فإن زعمت ذلك كذلك المهاجرون والأنصار، وإلا فأنا آتيك بهم من قريش الحجاز، وأما ما ميزت بينك وبين طلحة والزبير وبين أهل البصرة وأهل الشام، فالامر (6) في ذلك إلي واحد، لان بيعة العامة لا يستثنى فيها النظر (7) ولا يستأنف فيها الخبر (7)، وأما فضلي في الاسلام وقرابتي من