أيها الناس! قد علمتم أن خليفتكم عثمان بن عفان قتل مظلوما وقد جعل الله لمن قتل مظلوما وليا وناصرا، وجعل لوليه سلطانا، وأنا وليه، استعملني ولم يعزلني، وأنتم أهل الحق، والناس سواكم أهل فتنة وباطل، من بين باسط يديه في دم عثمان أو معين عليه، وقد قام بأمور الناس أبغض الناس إليه علي بن أبي طالب، ولنخوضن إليه حومات الموت ثم لنقدحن لكم من زندة شرره، لا يثبت لها شيء إلا أحرقته، وقد علمتم أني لا أضبط الشام إلا بالطاعة، ولا أقوى على حرب أهل العراق إلا بالصبر، وأنتم عازمون على أن تحرزوا الشام والعراق، لعمري ما للشام كرجال العراق ولا للعراق كصبر أهل الشام! والقوم لا قوم غدا ببصائر أهل الحجاز ورقة أهل اليمن وقسوة أهل البصرة وكيد أهل الكوفة، وإنما يصبر غدا من قرأ هذه الآية:
و (استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصبرين *) (1) قال: فوثب أبو الأعور السلمي فقال: يا معاوية! إنك والله ما تستطيع أن تضرب الناس بمثل ما يضربهم علي بن أبي طالب! ولا يرجعون من أمرك إلى ما يرجعون إليه من علي، وإنك لتحملنا على أمر لو تركته لحملناك عليه، ونحن على بيعة الخليفة عثمان بن عفان، وأنت وليه وابن عمه، وعلي عدوه وخاذله، فنحن معك عليه - والسلام -.
قال: ثم وثب ذو الكلاع الحميري فقال: يا معاوية! إن أمير المؤمنين عثمان بن عفان استعملك فلم توف له، واستنصرك فلم تنصره، وأردت أن تصرف وجوه الناس إليك، فقد بلغت الذي أردت، والله! لو خذلتك العرب قاطبة لكفيتك خذلانها بقومي وعشيرتي - والسلام -.
قال: ثم تكلم حوشب ذو الظليم فقال (2): يا معاوية! لقد علمت العرب أننا أهل فعال ولسنا بأهل مقال، وأن عظيم فعالنا يأتي على قليل مقالنا، والامر لك ولمن شئت من بعدك - والسلام -.
ثم تكلم سعد بن وخاطة الحميري فقال: يا سبحان الله! أما من رجل يقدم رضا الله عز وجل على رضا الناس؟ ويحكم يا أهل الشام! أما علمتم أن أهل