هذا كله، على ما اخترناه من جواز الصرف من باب شاهد الحال، وأما بناء على قول الجماعة: من وجوب الدفع من جهة وجوب إنفاق المعوزين عليه، فالظاهر أنه يجب أن يتولاه الحاكم، لأنه المتولي لكل حسبة عامة، سيما مثل الانفاق على عيال الغائب وقضاء ديونه وغير ذلك من أموره. ويلزم على قولهم: وجوب الاقتصار على الذرية الطاهرة، وأما على ما ذكرنا فلا يختص بهم، بل يعم غيرهم، بل ليس مصرفه مختصا بالانفاق، بل يصرف في المصالح كائنة ما كانت، الأهم فالأهم، فيفرض المالك أو المجتهد نفسه الإمام وينظر إلى المصالح التي أحاط بها علمه بعد الفحص عن مواردها فأيها كانت أهم في نظره وجب صرفه فيها، لأنه المتيقن من الرضى.
[نعم، لو قلنا: إن للمالك أو المجتهد ولاية على هذا المال - كما في مجهول المالك ومال اليتيم والغائب واللقطة - لم تجب ملاحظة الأهم والأصلح، لعدم الدليل إلا على أهل الاحسان، لكن الظاهر عدم ثبوت الولاء، بل الحكم تابع للإذن، ولا أقل من الاحتمال] (1).
لا يقال: إن هذا ليس قولا لأحد من أصحابنا، لأنهم بين مخصص له بالأصناف الثلاثة كأكثر القائلين بالصرف، وبين من شرك بينهم وبين غيرهم من مواليه العارفين كما صرح به ابن حمزة في الوسيلة (2) واستظهر من كلام