كما سيجئ، فإن أداء ثمن الطعام ونحوه من الضروريات من الربح الحاصل بعد إخراج المؤونة منه. فاندفع ما توهمه بعضهم من أن الأمر بوضع مؤونة العام من الربح لا يتحقق إلا بأن يتأخر العام عن الربح، فلا بد أن يكون مبدؤه حين ظهوره، وفساده يعرف مما عرفت، بل من ملاحظة العرف في صناعاتهم.
ولو فرضنا أنه تعارف في شئ أخذ مؤونة حول ما بعد حصوله، كان هو المتبع، مثل من يؤجر ضيعته بمقدار من حاصلها، فإن الظاهر أن المتعارف في مثله أن يؤخذ من الحاصل مؤونة سنته المستقبلة.
مبدأ الحول حين الفائدة لو لم يكن عرف وبالجملة: فالمراد بالحول الربح وهو يختلف، فقد يكون زمان ظهور الربح أول الحول، وقد يكون وسطه، وقد يكون آخره. نعم، لو لم يكن تعارف، فمدة الحول من حين وجود الفائدة، لأن نسبة الأزمنة السابقة إليه على السواء، فلا وجه لعد بعضها من حوله كما لا يخفى، فإطلاق عبارة الدروس: أن مبدأ الحول الشروع في التكسب (1) مختص بالمكاسب المتعارفة، مثل الأمثلة المتقدمة.
الثمرة بين القولين ثم إن الثمرة بين القولين المذكورين مما لا يخفى، فإن حول الزراعة من أول الشتاء - الذي هو أول زمان الاشتغال به - إلى أول شتاء آخر على المختار، ومن أول الصيف - وهو زمان حصول الربح - إلى أول الصيف، فقد تتفاوت المؤونة فيهما. نعم، لو استدان في أول الشتاء دينا كان أداؤه من المؤونة على القولين، أما على المختار فلأنه بعض الحول، وأما على غيره فلأن الدين السابق من المؤونة.