العبرة بما يصرف فعلا وفيه إشكال، لأن الظاهر من المؤونة في الأخبار ما أنفق بالفعل على غير وجه الاسراف، وليس المراد منه مقدار المؤونة المتعارفة حتى لا يتعلق بها (1) الخمس، سواء صرفت أم لم تصرف، فقولهم في فتاويهم ومعاقد إجماعهم: " ما يفضل عن مؤونة السنة " ما يبقى بعد صرف ما صرف في المؤونة المتعارفة، لا ما عدا مقدار المؤونة المتعارفة، لأن المؤونة المتعارفة تختلف باختلاف الانفاقات، وليس أمرا منضبطا حتى يلاحظ استثناؤه، فكل ما وقع منها في الخارج فهو منها.
نعم، لو أراد وضع المؤونة قبل صرفها (2)، فله وضع ما يعلم أو يظن أنه سينفق بالمتعارف هذا المقدار، فإن اتفق أنه لم ينفق الجميع - ولو تبرع متبرع كما سبق - فنقول بوجوب الخمس في الباقي، فالمؤونة هنا نظير مؤونة التحصيل في الأرباح وغيرها، فكما أن العبرة بما يصرفه فعلا ولو على وجه الدقة والمضايقة، ولا يحسب له التفاوت الحاصل بينه وبين المتعارف الوسط، ولا يوضع له ما يقابل تبرع المتبرع، فكذا هنا، ولذا تأمل في ذلك المقدس الأردبيلي (3)، وبعده جمال الدين الخوانساري (4)، بل صرح في كشف الغطاء (5) باختيار العدم، وهو الأقوى، مضافا إلى عموم أدلة الخمس فيما يستفاد، والمتيقن (6) خروج ما بذل فعلا، وحينئذ فالتقييد بالاقتصاد للاحتراز عن