أم المؤمنين أم سلمة هند زوجة النبي ص كانت من أعقل النساء وكانت لها أساليب بديعة في استعطاف النبي ص عند غضبه وأدب بارع في مخاطباته وطلب الحوائج منه فمن ذلك لما لقيه ابن عمه واخوه من الرضاعة أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وابن عمته عاتكة بنت عبد المطلب عبد الله بن أبي أمية المخزومي أخو أم سلمة لأبيها، وهو في طريقه إلى فتح مكة، فاستاذنا عليه فاعرض عنهما.
فقالت أم سلمة: يا رسول الله، ابن عمك وابن عمتك وصهرك، فقال: لا حاجة لي بهما، إما ابن عمي فهتك عرضي وكان يهجو رسول الله واما ابن عمتي وصهري فهو الذي قال لي بمكة ما قال: يعني قوله له: والله لا آمنت بك حتى تتخذ سلما إلى السماء فتعرج فيه وانا انظر ثم تأتي بصك وأربعة من الملائكة يشهدون أن الله أرسلك.
فقالت أم سلمة: لا يكن ابن عمك وابن عمتك أشقى الناس بك. فقال أبو سفيان والله ليأذنن لي أو لآخذن بيد ابني هذا ثم لنذهبن في الأرض حتى نموت عطشا وجوعا. فرق لهما النبي فدخلا عليه وأسلما.
وقالت له لما أراد علي ع أن يسال النبي ص في الاذن له في ادخال فاطمة عليه فدخلت أم أيمن على أم سلمة فأخبرتها وأخبرت سائر نسائه بذلك فاجتمعن عنده وقلن فديناك بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله انا قد اجتمعنا لأمر لو كانت خديجة في الأحياء لقرت عينها، قالت أم سلمة فلما ذكرنا خديجة بكى وقال خديجة وأين مثل خديجة؟ واخذ في الثناء عليها، فقالت أم سلمة من بينهن فديناك بآبائنا وأمهاتنا انك لم تذكر من خديجة أمرا الا وقد كانت كذلك غير أنها قد مضت إلى ربها فهنأها الله بذلك وجمع بيننا وبينها في جنته، يا رسول الله هذا أخوك وابن عمك في النسب علي بن أبي طالب يحب أن تدخل عليه زوجته قال حبا وكرامة، ثم التفت إلى النساء بعد ما دخلن البيت فقال من هاهنا؟ فقالت أم سلمة انا أم سلمة وهذه فلانة وفلانة، فكانت هي المبادرة بالجواب فامرهن أن يصلحن من شأن فاطمة في حجرة أم سلمة، وابتدأتهن أم سلمة بالرجز أمام فاطمة لما زفت.
فانظر وقارن بين أم سلمة ما ذا قالت في حق خديجة لما أثنى عليها النبي ص وما ذا قالته بعض أزواجه لما اثنى على خديجة فقالت وما كانت خديجة، وقد أبدلك الله خيرا منها.
وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن عمرة بنت عبد الرحمن قالت:
لما سار علي إلى البصرة دخل على أم سلمة زوج النبي ص يودعها فقالت سر في حفظ الله وفي كنفه فوالله انك لعلى الحق والحق معك ولولا أني أكره ان اعصي الله ورسوله فإنه امرنا ان نقر في بيوتنا لسرت معك ولكن والله لأرسلن معك من هو أفضل عندي وأعز علي من نفسي ابني عمر. وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يتعقبه الذهبي في التلخيص. وبسنده عن أبي سعيد التيمي عن أبي ثابت مولى أبي ذر قال: كنت مع علي يوم الجمل فلما رأيت عائشة واقفة دخلني بعض ما يدخل الناس فكشف الله عني ذلك عند صلاة الظهر فقاتلت مع أمير المؤمنين فلما فرع ذهبت إلى المدينة فاتيت أم سلمة فقلت اني والله ما جئت أسال طعاما ولا شرابا ولكني مولى لأبي ذر فقالت مرحبا فقصصت عليها قصتي فقالت أين كنت حين طارت القلوب مطائرها قلت إلى حيث كشف الله ذلك عني عند زوال الشمس قالت أحسنت سمعت رسول الله ص يقول علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. هذا حديث صحيح الاسناد وأبو سعيد هو عقيصاء ثقة مأمون ولم يخرجاه يعني مسلما والبخاري.
وروى النسائي في الخصائص بسنده عن أبي عبد الله الجدلي قال دخلت على أم سلمة فقالت لي أ يسب رسول الله ص فيكم؟ قلت سبحان الله أو معاذ الله، قالت سمعت رسول الله ص يقول من سب عليا فقد سبني. وأبو عبد الله الجدلي واسمه عتبة بن عبد كان ساكنا في الشام فلهذا قالت له أم سلمة ذلك. وكانت فقيهة عارفة بغوامض الأحكام الشرعية حتى أن جابر بن عبد الله الأنصاري كان يستشيرها ويرجع إلى رأيها، فقد ذكر ابن الأثير في حوادث سنة 40 انه لما ارسل معاوية بسر بن أبي أرطاة في ثلاثة آلاف حتى قدم المدينة ارسل إلى بني سلمة والله ما لكم عندي أمان حتى تأتوني بجابر بن عبد الله فانطلق جابر إلى أم سلمة زوج النبي ص فقال لها ما ذا ترين ان هذه بيعة ضلالة وقد خشيت ان اقتل، قالت ارى ان تبايع. وفي رواية الكلبي ولوط بن يحيى التي حكاها ابن أبي الحديد في شرح النهج ان أم سلمة قالت لجابر: اذهب فبايع، وقالت لابنها عمر اذهب فبايع. وفي رواية إبراهيم بن هلال الثقفي التي نقلها ابن أبي الحديد أيضا ان جابرا قال دخلت على أم سلمة فأخبرتها الخبر فقالت يا بني انطلق فبايع، احقن دمك ودماء قومك، فاني قد امرت ابن أخي ان يذهب فيبايع، واني لأعلم انها بيعة ضلالة.
هند بنت زيد بن مخربة الأنصارية الكوفية.
كانت شاعرة وقال محمد بن سعد كاتب الواقدي في الطبقات الكبير كانت شيعية وقالت حين سير بحجر بن عدي الكندي إلى معاوية:
ترفع أيها القمر المنير * ترفع هل ترى حجرا يسير يسير إلى معاوية بن حرب * ليقتله كما زعم الخبير تجبرت الجبابر بعد حجر * وطاب لها الخورنق والسدير وأصبحت البلاد له محولا * كان لم يحييها يوما مطير الا يا حجر حجر بني عدي * تلقتك السلامة والسرور أخاف عليك ما اردى عديا * وشيخا في دمشق له زئير فان تهلك فكل عميد قوم * إلى هلك من الدنيا يصير هند بن عمرو الجملي المرادي.
قتل مع علي ع يوم الجمل بالبصرة سنة 36.
قال أمير المؤمنين ع من يحمل على الجمل؟ فانتدب له هند فاعترضه عمارة بن يثري فاختلفا ضربتين فقتله ابن يثري وقتل بعده علباء بن الحارث وابن صوحان العبدي وقال:
انا لمن ينكرني ابن يثري * قاتل علباء وهند الجملي وابن لصوحان على دين علي السيد هيبة بن خلف المشعشعي.
ولي الحويزة بعد عزل السيد فرج الله عنها فوصل بهبهان فاركب السيد فرج الله خيلا على الدورق ونهب بلدها وربضها وكارون وجميع نواحيه واتاه خبر هيبة فاركب عليه جميع العسكر إلى بهبهان فهرب هيبة فنهب بهبهان وتسلطت الأباش من العسكر على اعراض الناس ووصل السيد هيبة شوشتر خائفا يترقب وجاءت إليه آل كثير وتفرق الناس عن فرج الله، واما السيد هيبة فحين وصل خرب امره لأنه كبير السن فخرج الامر