عند الطائفة الجعفرية المسلمة فحسب، ولا عند المسلمين فقط، بل عند جميع الذين عرفوه وقرأوه وسمعوا بعلمه وفضله وتقواه.
والإنشاء تستمطر شآبيب الرحمة على روحه الطاهرة، وتسال الله ان يجزل ثوابه بقدر ما أحسن إلى وطنه وأمته ومواطنيه، وتعزي بفقده المسلمين جميعا في شتى ديارهم وأقطارهم، عوض الاسلام عن هذا الركن المكين من أركانه والعالم الكبير من علمائه.
وقالت جريدة المنار تحت هذا العنوان:
يا فقيد الاسلام وعالمه البر ، لقد جل الرزء فيك عن إيفائك حقك من الرثاء.
غيب الثرى في يوم أمس عالما من أكبر علماء الاسلام، ورجلا من أجل الرجال علما وتقى واخلاصا وورعا، هو سماحة المجتهد الأكبر والفقيه الجليل، والمربي الحازم سماحة السيد محسن الأمين الذي خلف دنيا من العلم، وجيلا من الثناء، وطودا شامخا من المثالية والحكمة والصلاح.
وإذا كان للقلم ان يتحدث عن كل انسان خلال حياته وبعد مماته، وأن يفي كل عامل حقه من جهاده وعمله، فإنه كثيرا ما يقصر عن ايفاء حق رجال إفذاذ، وعباقرة نابغين، وكثيرا ما يعترف بعجزه امامهم حين تكون أعمالهم فوق الوصف واقدارهم فوق الثناء.
رحم الله الفقيد الأمين، فلقد كان من الرجال العظام القلائل، الذين فهموا القيم الفكرية حق الفهم فنزهوها عن القيم المادية، وفهموا واجب الإنسان حيال الإنسانية فعملوا لها عمل المؤمنين الصادقين الذي لا يستهويهم مال أو نفوذ، ولا يغرر فهم مطمع أو جاه، لقد فهموا فهما سليما، وعملوا عملا رفيعا، فارضوا ربهم، وارضوا ضميرهم، وقنعوا في عيشهم من الفوز برضى الله وهو أقدس فوز، وبرضى الضمير وهو أثمن وأعز انتصار.
وما دمنا بصدد الاعتراف بالعجز عن ايفاء الفقيد الأمين حقه بعد مماته فلا أقل من القول بأنه كان عالما ضليعا كثيرا ما انحنت أمامه افهام علماء أكابر، وانسانيا مثاليا لا يفرق بين أبيض واسود الا بمقدار صلاحه وتقواه ووطنيا آمن بحق أمة الاسلام بالتمتع في الحرية والسيادة، فعمل لكل هذه المبادئ بجرأة وهمة واستمرار حتى قضى على كثير من الخلافات المذهبية، وسعى إلى توحيد شمل الطوائف الاسلامية ووقف في مكان التوجيه والارشاد من صفوف جميع الحركات الوطنية الاستقلالية. ثم وصفت المنار التشييع فكان مما قالته: وكان موكب الجنازة من الضخامة بحيث سدت الطرقات وأغلقت الحوانيت وقد حضرت التشييع مئات الوفود التي قدمت من العراق وإيران وسائر الأقطار العربية.
برنامج استقبال الجثمان ونشرت جميع الصحف الدمشقية نص المنهاج الرسمي لاستقبال موكب التشييع عند الحدود اللبنانية السورية، وسيره إلى دمشق حتى المدرسة المحسنية في حي الأمين، على النحو التالي:
تألفت اللجنة الحكومية التي تستقبل الجثمان من محافظ لواء الشام السيد سليمان الحسيني ممثلا لدولة رئيس الدولة، والعقيد جميل رمضان ممثلا للعقيد رئيس الأركان العامة ووكيل قائد درك لواء دمشق، ومدير أوقاف دمشق السيد عبد الرحمن الطباع وبعد ان تؤدي مفرزة من رجال الدرك التحية للجثمان عند وصوله إلى الحدود يتجه الموكب إلى العاصمة تتقدمه سيارة جيب يمتطيها عدد من رجال الدرك فسيارة ممثل رئيس الدولة فسيارة ممثل رئاسة الأركان العامة وسيارة وكيل قائد الدرك للواء الشام وسيارة مدير أوقاف دمشق وكوكبة من رجال الدرك راكبي الدراجات النارية ثم السيارة المقلة لجثمان الفقيد وتتبعها السيارات المواكبة للجثمان وفي نهاية الموكب تسير سيارة جيب يمتطيها عدد من رجال الدرك وفي الربوة مدخل دمشق تبدل قوات الدرك بقوات الشرطة ويتابع الموكب سيره إلى المدرسة المحسنية مخترقا شارع سعد الله الجابري فشارع النصر إلى شارع الدرويشية فسوق مدحت باشا فالمدرسة المحسنية في حي الأمين وامام المدرسة المحسنية تستقبل الجثمان اللجنة المؤلفة من السادة الأمين العام لرئاسة الجمهورية والأمين العام لرئاسة الوزراء ومدير الشرطة العسكرية والمدير العام للأوقاف الاسلامية وفي المدرسة المحسنية يودع الجثمان حيث يشيع صباحا إلى مقام السيدة زينب وفق البرنامج الرسمي الآتي، على أن يتولى رجال الشرطة الحراسة والسهر على النظام امام المدرسة المحسنية اعتبارا من ساعة وصول جثمان الفقيد إلى المدرسة حتى ساعة تشييع الجنازة.
إما برنامج تشييع الجثمان فهو كما يلي:
1 تكون اللجنة الرسمية لتشييع الجثمان في المدرسة المحسنية في الساعة العاشرة والدقيقة الثلاثين من قبل ظهر الثلاثاء السابع من رجب 1371 الموافق للأول من نيسان 1952.
2 يتحرك الموكب مشيا على الأقدام في تمام الساعة الحادية عشرة من المدرسة المحسنية بحي الأمين إلى الجامع الأموي مارا بشارع مدحت باشا فالبزورية فالجامع الأموي حيث يصلى على الجثمان ثم يتوجه الموكب من المسكية إلى مقبرة الباب الصغير سالكا الطريق التالية: سوق الحميدية الدرويشية السنانية مقبرة الباب الصغير.
3 يكون ترتيب الموكب من المدرسة المحسنية بحي الأمين حتى المقبرة كما يلي: مفرزة من رجال الشرطة راكبي الدراجات النارية قوة من رجال الجيش منكسي السلاح على جانبي الموكب، طلاب الكلية الشرعية، في الوسط المؤذنون نعش الفقيد طلاب المدارس على جانبي النعش آل الفقيد ممثل دولة رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء وأعضاء لجنة التشييع الرسمية، وفود المشيعين من البلاد العربية والاسلامية ويحاط الموكب من جهاته الثلاث بعدد كاف من رجال الشرطة.
يتقبل آل الفقيد وممثلو الطائفة الجعفرية التعازي في مقبرة الباب الصغير.
4 يتابع الموكب سيره بالسيارات إلى روضة السيدة زينب وفق الترتيب الآتي: سيارة جيب يمتطيها عدد من رجال الدرك، كوكبة من رجال الدرك راكبي الدراجات النارية، السيارة المقلة لجثمان الفقيد، سيارات اللجنة الرسمية للتشييع، سيارات وفود البلاد العربية والاسلامية ورجال السلك السياسي العربي والإسلامي والأجنبي، سيارات المشيعين،