جعل محل النزاع مفروغا عن حرمته حتى صيره من مصاديق الحديث فيا عجبا أ هذه المظاهر التي مضت عليها القرون الكثيرة وهي شعار للشيعة حتى أن بعضها مضى عليه ألف سنة تكون بنظر السيد محرمات مفروغا عن حرمتها والشيعة بأجمعهم في جميع الأزمنة بين مرتكب للمحرم وبين تارك للنهي عن المنكر راض به فيحق لنا ان نستسعد بدعائه ودعاء جماعة المصلحين بالغفران لاخواننا المؤمنين ونستشفع بهم إلى الله في خلاص رقابهم من النار ومنها جعله التذكار الحسيني باطواره وشؤونه مجلبة للنقص والعار ومحلا للاستهزاء عند الأغيار، بربك أيها المنصف البصير هل تصلح أمثال هذه التلفيقات دليلا على حكم شرعي، ومنها انكاره مجئ زين العابدين ع من الحبس لدفن أبيه ع فإنه ما أنكر الا أمرا مسلما، وقد بلغني ان جماعة انتصروا للسيد محسن وأيدوه في انكار دفن زين العابدين لأبيه بدعوى انه مخالف لمقدورات البشر، ولعمر الحق هذا هو الامر الموجب للخروج عن الاسلام انتهى وتتابعت الرسائل في الهجوم على رسالة التنزيه وقد عدد بعض أسماء أصحابها نور الدين فيما تقدم من كلامه وكل الرسائل لا تخرج عن هذا المنطق ومنطق نور الدين المتقدم، وإن كان بعض الرسائل تعمد البذاءة والايغال في الشتائم وسئ القول، ومثل ذلك القصائد والمقاطيع وقد اكتفى أنصار الدعوة باخراج رسالة واحدة للرد على الجميع هي رسالة كشف التمويه عن رسالة التنزيه لمؤلفها الشيخ محمد الكنجي ولكنهم اتخذوا من الصحافة الحرة ميدانا رحيبا لأقلامهم المتوثبة وكان ممن أبدع في ذلك الشيخ محسن شرارة والأستاذ سلمان الصفواني وغيرهما.
الشيخ محمد عبده والسيد محسن الأمين بقلم الدكتور علي الوردي في كتابه مهزلة العقل البشري يعجبني من المصلحين في هذا العصر رجلان هما: الشيخ محمد عبده في مصر والسيد محسن الأمين في الشام. فالشيخ محمد عبده قد نال في بدء دعوته الاصلاحية من الشتيمة قسطا كبيرا حتى اعتبروه الدجال الذي يظهر في آخر الزمان. ولكنه الآن خالد لا يدانيه في مجده أرباب العمائم مجتمعين.
واني لا أزال أذكر تلك الضجة التي أثيرت حول الدعوة الاصلاحية التي قام بها السيد محسن قبل ربع قرن. ولكنه صمد لها وقاومها باسلا فلم يلن ولم يتردد. وقد مات السيد أخيرا ولكن ذكراه لم تمت ولن تموت وستبقى دهرا طويلا حتى تهدم هاتيك السخافات التي شوهت الدين وجعلت منه أضحوكة الضاحكين!
الثائر قال الأستاذ منح الصلح من مقال له في مجلة الديار البيروتية بعد ان ذكر عبد الحميد بن باديس واثره في تحضير الجزائر للثورة:...
والنموذج الثاني بين رجال الدين، على العلاقة الخلاقة بين العمل الوطني والاسلام: هو المجتهد الأكبر السيد محسن الأمين الذي كان في دمشق امام العمل الوطني السوري ومرجع المذهب الشيعي الاعلى، فهو على الصعيد الديني لم يقل اثرا وسعة أفق عن محمد عبده. وعلى الصعيد الوطني كان رأس الوطنيين السوريين، وفي بيته أعلنت الحركة الوطنية في سوريا سنة 1936 اضراب الستة أشهر الشهير.
التقدمي المجدد بقلم: الشيخ محمد رضا الشبيبي رئيس مجلس الأعيان ورئيس مجلس النواب ورئيس المجمع العلمي ووزير المعارف العراقية الأسبق.
يموت بين الحين والحين قوم لهم أزياء أهل العلم ومظاهرهم فلا يشعر بموتهم أحد، ولا يتركون فراغا يعتد به. ثم يموت أحدهم فيروع موته أمة بأسرها. ويترك بعده ثلمة من الصعب سدها ويفجع لفقده عالم باسره إلى غير ذلك مما يعد دليلا بالغا على أن الفقيد من هذا الطراز كان معنيا بالعمل قبل العلم، وبالحركة قبل السكون، وبالجد والاجتهاد، وبالغيرة على مصالح الناس.
هكذا كان فقيد الشعب العربي السيد المحسن الأمين فما كان اضطراب من اضطراب من العرب والمسلمين لفقده عبثا، وانما كان ذلك لأنه ترك ثلمة في بناء المروءة والفضيلة والعلم والخلق الكريم.
لا نبالغ إذا قلنا إنه حفظ للعلم كرامته، ولم يجعل منه سلما للأغراض والمطامع فكان على جانب عظيم من التصون وإباء الضيم وقد مرت به شدائد، ولحقه ما لحقه في بعض أدوار حياته من العسر فصبر صبر الكرام. وترفع عن الأسفاف ولم تنل منه السياسة الماكرة، ولم ينخدع بها، ولا خدم رجالها، بل كانوا يخدمونه ويخطبون وده دائما كأنما عناه الأستاذ العالم الشاعر عبد القادر الجرجاني بأبياته السائرة:
يقولون لي فيك انقباض وانما * رأوا رجلا عن موقف الذل أحجما إذا قيل: هذا مورد قلت: قد ارى * ولكن نفس الحر تحتمل الظما ولو أن أهل العلم صانوه صانهم * ولو عظموه في النفوس لعظما ولم اقض حق العلم إن كان كلما * بدا طمع صيرته لي سلما أجل!!... يخيل لك ان الجرجاني عني بأبياته هذه شخصا كالامام الفقيد فقد كان مثالا للعالم المنزه عن الأطماع والدخول فيما لا يعنيه والترخص أو المساومة في الاحكام.
كان السيد محسن الأمين رحمه الله مجددا في طريقته التعليمية أنشأ مدارس عدة ناجحة للجنسين في دمشق وقد تخرج منها إلى الآن عدد غير قليل من رجال سوريا ولبنان وشبابه المثقف. ولاحظ ما يكابد شداة العلم من الغموض والتعقيد الملحوظ في كتب الدراسة القديمة المجردة في الفقه والأصول وفي غير ذلك من العلوم فتركها وشأنها. ووضع بنفسه وبمفرده كتبا حديثة سهلة التناول يعول عليها طلاب مدارسه في دمشق وغيرها إلى اليوم.
ثار مرة امامي على أحد الأساتذة الجامدين الذين يقدسون طريقة القدامى ويحرصون على أن لا تمس، وان تبقى كتبهم على ما هي قائلا:
لما ذا نحذو حذو الأقدمين هم رجال ونحن رجال. وكان ذلك في سنة 1920 في مجلسنا بدمشق الشام، اي قبل أكثر من ثلاثين سنة.
شن حربا شعواء على الخرافات والأوهام الشائعة وعلى العادات التي اعتبرت دينا عند بعض الطبقات، وما هي من الدين ولا من الشرع