وواسطة عقد الفضلاء طاهر السر والعلن سيدنا وشيخنا أبو الحسن لا زال بدر سعده في بروج الكمال وشمس مجده في امن من الزوال وقد خدمت جيد هذا النسب العالي بعقد من النظام الغالي كما هو شأن العبيد والموالي فقلت:
لقد عظمت انساب آل محمد * فليس لهم في العالمين مناسب ومن مثلهم والشمس بعض جدودهم * وبدر الدجى والنيرات الثواقب إذا ما رياض الحزن طابت فروعها * فلا يمترى ان الأصول أطايب إذا ما انتمى منهم حسيب تهللت * له الأرض وانثالت عليه المناقب بني كل فياض اليدين تراثه * إذا ما قضى طرف رمح وقاضب غطارفة شم الأنوف نصيبهم * من المجد مقسوم سنام وغارب المولد ولدت في قرية شقراء من بلاد جبل عامل سنة 1284 هذا هو الصواب في تاريخ مولدي وما ذكرته في غير هذا الموضع من أن ولادتي سنة 1282 أو غير ذلك فهو خطا ولم يكن مولدي مؤرخا لكن والدي اخبرني ان ولادتي كانت سنة بناء جسر القاقعية الجديد وقد قرأت تاريخ بنائه على الصخرة التي كانت موضوعة عليه وسقطت فإذا هو سنة 1284 وأخبرت أيضا ان ولادتي سنة ولادة السيد يوسف ابن السيد حسن بن إبراهيم خلف وقد ارخها عمنا السيد عبد الله بقوله حسن يوسف بازع وهو يبلغ 1284 فتحققت من ذلك ومن امارات اخر ان مولدي في ذلك العام وقد بلغت إلى حين تحرير هذه الكلمات وهو غرة شوال سنة 1270 ستة وثمانين عاما فقد وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا وضعفت القوى وتواردت على الجسم العلل والأسقام وجاء نذير الأجل وعزفت النفس عن الدنيا وكل ما فيها وماتت الشهوات وضاق من نفسنا ما كان متسعا حتى الرجاء وحتى الخوف والأمل مع ما تراكم وتتابع من الهموم واعتور من نوائب الدهر لكن الهمة والحمد لله والعزم والجد باقية كما كانت أيام الشباب وإن كانت القدرة على العمل أضعف، والحواس بحمده تعالى صحيحة سالمة والمواظبة على المطالعة والتصنيف والتآليف ليلي ونهاري وعشيي وابكاري باقية كما كانت لا اشتغل بشئ سوى ذلك الا ما تدعو الضرورة القاهرة إليه ولست أدري متى يوافيني الأجل المحتوم فقد أصبح مني قريبا أسأله تعالى ان يختم أعمالي بالصالحات وأن يجعل ما بقي من عمري مصروفا في طاعته وان يوفقني لاكمال هذا الكتاب تأليفا وطبعا وغيره مما شرعت به وان يجعل مستقبل عمري خيرا من ماضيه وان يجعل ما ألفته من حديث وقديم سترا بيني وبين نار الجحيم انه رؤوف رحيم وعجلت بهذه الترجمة قبل الوصول إلى محلها من الكتاب خوفا من مفاجأة الأجل وبالله التوفيق.
أصل العشيرة الذي سمعناه متواترا من شيوخ العشيرة ان الأصل من الحلة جاء أحد الأجداد منها إلى جبل عامل بطلب من أهلها ليكون مرجعا دينيا ومرشدا. ولسنا نعلم من هو على التحقيق بل هو مردد بين السيد إبراهيم وابنه السيد احمد وابنه السيد حيدر. والسيد حيدر سكن شقراء وتوفي بها سنة 1175 كما هو مرسوم على لوح قبره في مقبرتها الشرقية القديمة وولد له في شقرا عدة أولاد ذكور وإناث نبغ منهم السيد أبو الحسن موسى.
وصاحب مفتاح الكرامة هو ابن ابنه وابن أخي السيد أبي الحسن ويظهر من آثاره انه كان واسع الحال عريض الجاه وأفراد العشيرة البارعون تجد تراجمهم في مواضعها من هذا الكتاب.
النسبة كانت العشيرة قبل هذا الوقت تعرف بقشاقش أو قشاقيش ولا يعرف ان ذلك نسبة إلى اي شئ. واحتمل بعض العلماء ان يكون ذلك تصحيف الأقساسي نسبة إلى اقساس مالك قرية قرب الكوفة والاقساسيون طائفة كبيرة هم من ذرية جدنا الحسن ذي العبرة ينسبون إلى هذه القرية.
ثم عرفت العشيرة بال الأمين نسبة إلى السيد محمد الأمين ابن السيد أبي الحسن موسى ووالد جدنا السيد علي الأمين فصار يقال لذريته آل الأمين.
والد المؤلف واما السيد عبد الكريم ابن السيد علي والد المؤلف فكان تقيا نقيا صالحا صواما قواما طيب السريرة بكاء من خشية الله تعالى حج بيت الله الحرام وزار بيت المقدس وزار المشاهد المقدسة في العراق وكان عازما على زيارة مشهد الرضا ع فأشار عليه ابن عمه السيد كاظم ان ينفق ما يريد انفاقه في ذلك السفر على طلبة العلم من أبناء اخوته فقبل إشارته وعاد من العراق وبعد هجرتنا إلى العراق لطلب العلم بمدة هاجر إليها مع باقي العائلة ودفن في النجف الأشرف في الصحن الشريف سنة 1315 وكان عند وفاة أبيه يتيما فكفله بعد ما تزوجت امه اخوه السيد محمد الأمين لكنه لم يلتفت إليه كما يجب وأساءت زوجته الحاجة خاتون بنت شيت معاملته حتى أنها لما توفيت بسقوط البيت عليها واحتراق جبينها بالموقد طلب إليه ان يسمح عنها فابى مع ما كان عليه من طهارة النفس ورقة القلب مما دل على شدة اساءتها إليه إما باقي اخوته الصغار فكفلتهم أمهاتهم وكن من العائلة ولم يتزوجن فلم يجر عليهم ما جرى على الوالد وأخيه السيد امين الذي تزوجت امه أيضا ببعض أقاربها وكانت من حولا من آل الغنوي، وربما كان للقرابة بين الزوجين تأثير في ذلك. ولما ترعرع الوالد تسلم هو واخوه السيد امين ما خصهما من ميراث أبيهما بالشركة واستغلاه وانفردا لأنفسهما في الدار التي كانت نصيبهما من ميراث أبيهما.
والدة المؤلف وتزوج الوالد ابنة العالم الصالح الشيخ محمد حسين فلحة الميسي وهي والدة المؤلف وكانت من فضليات النساء عاقلة صالحة ذكية مدبرة عابدة مواظبة على الأوراد والأدعية توفيت في حدود سنة 1300 وكان لها وللوالد الفضل العظيم في تربية المؤلف وتفريغه لطلب العلم وحثه على ذلك ومراقبته في سن الطفولة ولما توفيت قال في رثائها من أبيات:
حويت يا قبر لو تدري مطهرة * من العيوب اكتست ثوبا من الشرف من معدن طاب أصلا في العلى فزكت * منه الفروع ونور الشمس غير خفي يا ديمة من سحاب العفو مثقلة * إذا مررت بجنبي قبرها فقفي روي جوانب قبر طاب ساكنه * ولا أقول إذا رويته انصرفي ويا سحاب الغوادي رو تربتها * حتى تعود كمثل الروضة الأنف يا خير والدة برا ومرحمة * بنجلها هو حلف الوجد والأسف