أسلم في قثم بن العباس ومنهم من يرويها لخالد بن يزيد مولى قثم فيه، فمن رواها لذود في قثم أو لخالد فيه فهي:
كم صارخ بك من راج وراجية * يرجوك يا قثم الخيرات يا قثم اي الضمائر ليست في رقابهم * لأولية هذا أوله نعم في كفه خيزران البيت، يغضي حياء البيت.
وحكى في الأغاني عن الصولي عن العلائي عن المهدي بن سابق أن هذه الأبيات الأربعة سوى الأول في شعر ذود بن أسلم في علي بن الحسين ع. قال: وذكر الرياشي عن الأصمعي أن رجلا من العرب يقال له داود وقف لقثم فناداه فقال:
يكاد يمسكه عرفان راحته * ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم كم صارخ بك من راج وراجية * في الناس يا قثم الخيرات يا قثم قال والصحيح أنها للحزين في عبد الله بن عبد الملك وقد غلط ابن عائشة في ادخاله البيتين في تلك الأبيات. وأبيات الحزين مؤتلفة منتظمة المعاني متشابهة تنبئ عن نفسها وهي:
الله يعلم أن قد جئت ذا يمن * ثم العراقين لا يثنيني السام ثم الجزيرة أعلاها وأسفلها * كذاك تسري على الأهوال بي القدم ثم المواسم قد أوطاتها زمنا * وحيث تحلق أنت الحجرة اللمم قالوا دمشق ينبيك الخبير بها * ثم ائت مصر فثم النائل العمم لما وقفت عليه في الجموع ضحى * وقد تصرخت الحجاب والخدم حييته بسلام وهو مرتفق * وضجة القوم عند الباب تزدحم في كفه خيزران ريحها عبق * من كف أروع في عرنينه شمم يغضي حياء ويغضى من مهابته * فما يكلم الا حين يبتسم ترى رؤوس بني مروان خاضعة * يمشون حول ركابيه وما ظلموا إن هش هشوا له واستبشروا جذلا * وإن هم آنسوا اعراضه وجموا كلتا يديه ربيع عند ذي خلف * بحر يفيض وهذي عارض هزم قال: ومن الناس من يقول أن الحزين قالها في عبد العزيز بن مروان لذكره دمشق ومصر وقد كان عبد الله بن عبد الملك أيضا في مصر والحزين بها انتهى ما قاله أبو الفرج.
قال الخطيب التبريزي في شرح الحماسة: الحزين الكناني هو عمرو بن عبد وساق نسبه إلى الديل ثم إلى كنانة بن خزيمة. أقول. فقوله هذا مع قول أبي تمام الحزين الليثي دال على أن الحزين الليثي هو الحزين الكناني، ثم قال الخطيب ويقال أنها للفرزدق ثم ذكر نحوا مما في الأغاني في قصتها مع هشام. وفي تاج العروس: عمرو بن عبيد بن وهب الكناني الشاعر يلقب بالحزين وهو القائل في عبد الله بن عبد الملك وقد وفد إليه لمصر وهو واليها يمدحه بأبيات من جملتها في كفه خيزران البيت يغضي حياء البيت.
وفي زهر الآداب للقيرواني بعد ذكر قصيدة الفرزدق بطولها وقصته مع علي بن الحسين ع قال: وقد روي أن الحزين الكناني وفد على عبد الله بن عبد الملك بن مروان وهو أمير على مصر فانشده قصيدة منها:
لما وقفت عليه في الجموع ضحى * وقد تعرضت الحجاب والخدم حييته بسلام وهو مرتفق * وضجة القوم عند الباب تزدحم في كفه خيزران البيت يغضي حياء البيت، قال، ويقال أنها لذود بن أسلم في قثم بن العباس بن عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب ويقال بل قالها الشنفري في علي بن الحسين ع انتهى.
أقول: فقد اتضح أن الأبيات الممدوح بها علي بن الحسين ع هي للفرزدق لا للحزين وأن البيتين المتقدمين وهما بكفه خيزران ويغضي حياء ليسا منها وانما هما للحزين في عبد الله بن عبد الملك بن مروان، وادخالهما في أبيات الفرزدق اشتباه. ولقد أجاد أبو الفرج الأصبهاني في قوله المتقدم: أن هذين البيتين ليسا مما يمدح به مثل علي بن الحسين ع لا سيما البيت الأول.
من شعره من قصيدة للفرزدق:
أ لم تر اني يوم جو سويقة * بكيت فنادتني هنيدة ما ليا فقلت لها أن البكاء لراحة * به يشتفي من ظن أن لا تلاقيا قفي ودعينا يا هنيدة انني * ارى الحي قد شاموا العقيق اليمانيا حبيبا دعا والرمل بيني وبينه * فاسمعني سقيا لذلك داعيا فكان جوابي أن بكيت صبابة * وفديت من لو يستطيع فدانيا إذا اغرورقت عيناي اسبل منهما * إلى أن تغيب الشعريان بكائيا لذكرى حبيب لم أزل مذ ذكرته * أعد له بعد الليالي لياليا أراني إذا فارقت هذا كأنني * أخو سنة مما أجن فؤاديا ومن شعر الفرزدق هاجيا الحجاج:
إن تنصفونا يأل مروان نقترب * إليكم والا فائذنوا ببعاد (1) فان لنا عنكم مراحا ومذهبا * بعيس إلى ريح الفلاة صوادي مخيسة بزل تخايل في البرى * سوار على طول الفلاة غوادي وفي الأرض عن ذي الجور مناي ومذهب * وكل بلاد أوطنت كبلادي وما ذا عسى الحجاج يبلغ جهده * إذا نحن خلفنا حفير زياد (2) ولولا بنو مروان كان ابن يوسف * كما كان عبدا من عبيد أياد زمان هو العبد المقر بذلة * يراوح صبيان القرى ويغادي فباست أبي الحجاج واست عجوزه * عتيد بهم ترتعي بوهاد (3) ودخل الفرزدق على سليمان بن عبد الملك فقال له، ما أحدثت بعدنا يا أبا فراس؟ وهو يريد أن ينشده شعرا في مدحه، فانشده شعرا يفخر فيه بأبيه فقال:
وركب كان الريح تطلب عندهم * لها ترة من جذبها بالعصائب سروا يخبطون الليل وهي تلفهم * إلى شعب الأكوار من كل جانب إذا ما رأوا نارا يقولون ليتها * وقد خطرت أيديهم نار غالب