محمد التقي وعلي النقي ع وكان حامل لواء الشعر والأدب والنحو واللغة في عصره قال ابن خلكان أنه ذكر بعض الثقات أنه ما عبر على جسر بغداد كتاب من اللغة مثل اصلاح المنطق لابن السكيت، وقد اهتم بهذا الكتاب كثير من المحققين واختصره الوزير المغربي وهذبه الخطيب التبريزي.
وروى عن المبرد أنه قال: ما رأيت للبغداديين كتابا أحسن من كتاب ابن السكيت في المنطق. وذكر ابن خلكان نقلا عن ثعلب أنه أجمع أصحابنا على أنه لم يكن بعد ابن الأعرابي اعلم باللغة من ابن السكيت.
وقد اختلفت الروايات في سبب قتله من قبل المتوكل، فقيل أن المتوكل كان قد ألزمه تأديب ولديه المعز بالله والمؤيد، فقال له يوما أيهما أحب إليك ابناي هذان اي المعتز والمؤيد أم الحسن والحسين فاجابه ابن السكيت والله أن قنبرا خادم علي بن أبي طالب ع خير منك ومن ابنيك. فقال المتوكل لجلاوزته الأتراك سلوا لسانه من قفاه ففعلوا فمات، وقيل أن ابن السكيت اثنى على الحسن والحسين ع ولم يذكر ابنيه فامر المتوكل الأتراك فداسوا بطنه فحمل إلى داره فمات بعد غد ذلك اليوم. ومن أعجب الصدف أنه كان قد نظم البيتين التاليين قبل حادث مقتله ببضعة أيام:
يصاب الفتى من عثرة بلسانه * وليس يصاب المرء من عثرة الرجل فعثرته في القول تذهب رأسه * وعثرته في الرجل تبرأ عن مهل وقد ذكره الشيخ يوسف البحراني في لؤلؤتي البحرين بقوله:
وكان هذا الشيخ أي يعقوب بن إسحاق السكيت صاحب اصلاح المنطق من أجلاء الشيعة وأصحاب الأئمة ع. قال في الخلاصة وكتاب النجاشي: يعقوب بن إسحاق السكيت بالسين المهملة والكاف والياء المنقطعة تحتها نقطتين والتاء المنقطعة فوقها نقطتين أبو يوسف كان مقدما عند أبي جعفر الثاني وأبي الحسن التقي والنقي ع ويختصان به وله عن أبي جعفر ع رواية ومسائل، قتله المتوكل لأجل التشيع وأمره مشهور. وكان عالما بالعربية واللغة ثقة مصدق لا يطعن عليه بشئ وكان وجيها في علم اللغة والعربية... وله كتب منها:
اصلاح المنطق والألفاظ وما اتفق لفظه واختلف معناه و الأضداد والمؤنث والمذكر والمقصور والممدود وكتاب الطير وكتاب النبات والشجر وكتاب الوحش أو الوحوش وكتاب الأرضين والجبال والأودية وكتاب الأصوات وكتاب ما صنفه في شعر الشعراء إما معجم الأدباء فقد ذكر المترجم بما يلي: وكان أبوه اي السكيت من أصحاب الكسائي عالما بالعربية واللغة والشعر. وكان يعقوب اي المترجم يؤدب الصبيان مع أبيه في درب القنطرة بمدينة السلام حتى احتاج إلى الكسب، فاقبل على تعلم النحو من البصريين والكوفيين، فاخذ عن أبي عمرو الشيباني والفراء وابن الأعرابي والأثرم.
وروى عن الأصمعي وأبي عبيدة، واخذ عنه أبو سعيد السكري وأبو عكرمة الضبي ومحمد بن الفرج المقرئ ومحمد بن عجلان الاخباري وميمون بن هارون الكاتب وغيرهم.
وكان عالما بالقرآن ونحو الكوفيين ومن اعلم الناس باللغة والشعر، راوية ثقة ولم يكن بعد ابن الأعرابي مثله وكان قد خرج إلى سر من رأى فصيره عبد الله بن يحيى بن الخاقان إلى المتوكل فضم إليه ولده يؤدبهم واسنى له الرزق ثم دعاه إلى منادمته فنهاه عبد الله بن عبد العزيز عن ذلك فظن أنه حسده وأجاب إلى ما دعي إليه. فبينما هو مع المتوكل يوما جاء المعتز والمؤيد فقال له المتوكل: يا يعقوب أيها أحب إليك: ابناي هذان أم الحسن والحسين، فذكر الحسن والحسين رضي الله عنهما بما هو أهله وسكت عن ابنيه وقيل قاله له أن قنبرا خادم علي، أحب إلي من ابنيك وكان يعقوب يتشيع فامر المتوكل الأتراك قسلوا لسانه وداسوا بطنه وحمل إلى بيته فعاش يوما وبعض آخر.
ووجه المتوكل من الغد عشرة آلاف درهم ديته إلى أهله. ولما بلغ عبد الله بن عبد العزيز الذي نهاه عن المنادمة خبر قتله أنشد:
نهيتك يا يعقوب عن قرب شادن * إذا ما سطا اربى على كل ضيغم فذق وأحسن اني لا أقول الغداة إذ * عثرت لعا بل لليدين وللفم ولقد أضاف المعجم على مصنفات المترجم التي ذكرها في لؤلؤتي البحرين الكتب التالية:
كتاب القلب والابدال وكتاب النوادر وكتاب فعل وافعل وكتاب الأجناس الكبير وكتاب الفرق وكتاب الأمثال وكتاب البحث وكتاب الزبرج وكتاب الإبل وكتاب السرج واللجام وكتاب الحشرات وكتاب الأيام والليالي وكتاب سرقات الشعراء وما تواردوا عليه وكتاب معاني الشعر الكبير وكتاب معاني الشعر الصغير وغير ذلك.
توفي في رجب سنة 246 من شعره قوله:
نفسي تروم أمورا لست أدركها * ما دمت احذر ما يأتي به الحذر كم مانع نفسه لذاتها حذرا * للفقر ليس له من ماله ذخر إن كان امساكه للفقر يحذره * فقد تعجل فقرأ قبل يفتقر ليس احتيال ولا عقل ولا أدب * يجدي عليك إذا لم يسعد القدر ولا توان ولا عجز يضر إذا * جاء القضاء بما فيه لك الخير ما قدر الله من أمر يسهله * ونيل ما لم يقدر نيله عسر ليس ارتحالك ترتاد الغنى سفرا * بل المقام على خسف هو السفر يعقوب بن إسحاق بن أبي سهل بن نوبخت.
مر نوبخت في إبراهيم بن إسحاق وكان المترجم واخوه علي من رجال آل نوبخت وجهابذة الكلام والنجوم. وكان المترجم مع المأمون ومن أفاضل عصره في علم النجوم والحكمة والكلام وكان منقطعا إلى الرضا ع ذكره ابن شهرآشوب في المناقب ومات في عصر الجواد ع. وروى ابن شهرآشوب في المناقب عن يعقوب بن إسحاق النوبختي قال مر رجل بأبي الحسن الرضا ع فقال له اعطني على قدر مروءتك قال ع لا يسعني ذلك فقال على قدر مروءتي قال إما ذا فنعم ثم قال يا غلام اعطه مائتي دينار انتهى.