وذكر ابن فضل الله انه عمي في آخر عمره وكان صاحب نكت ونوادر وهو القائل:
بالله ان جزت بوادي الأراك * وقبلت عيدانه الخضر فاك ابعثق إلى عبدك من بعضها * فإنني والله ما لي سواك الشيخ شمس الدين محمد بن مكي العاملي توفي سنة 938 له غاية القصد في معرفة القصد قرأه عليه الشهيد الثاني بالشام كما حكاه في الأمل عن ابن العودي في رسالته بغية المريد لكن قيل إن الموجود في البغية ان الشهيد قرأ في الشام عند الشيخ شمس الدين محمد بن مكي من كتب الطب شرح الموجز النفيسي وغاية القصد من تصنيف الشيخ المذكور وليس فيه ان عاملي بل ولا شيعي الا ان يكون صاحب الأمل استفاد ذلك من مقام آخر.
الشيخ أبو عبد الله شمس الدين محمد ابن الشيخ جمال الدين مكي ابن الشيخ شمس الدين محمد بن حامد بن أحمد المطلبي العاملي النباطي الجزيني المعروف بالشهيد الأول وبالشهيد على الاطلاق.
والمطلبي نسبة إلى المطلب أخي هاشم لأنه من ذريته والى المطلب ينسب عبد المطلب بن هاشم واسمه شيبة الحمد وكان لما توفي أبوه هاشم عند أخواله بالمدينة فابت امه ان تسلمه إلى عمه المطلب فواعده مكانا واخذه خفية واركبه خلفه فكان إذا سئل من هذا معك قال عبدي فسمي عبد المطلب.
ولد المترجم سنة 734 واستشهد بدمشق ضحى يوم الخميس التاسع من جمادى الأولى سنة 786 قتلا بالسيف على التشيع وعمره اثنان وخمسون. وبعضهم قال في التاسع عشر من جمادى الأولى والصحيح الأول.
أقوال العلماء فيه في أمل الآمل: كان عالما فقيها محدثا مدققا ثقة متبحرا كاملا جامعا لفنون العقليات والنقليات زاهدا عابدا ورعا شاعرا أديبا منشئا فريد دهره عديم النظير في زمانه اه وقال في حقه المحقق الكركي في اجازته لصفي الدين الوزير: شيخنا الشيخ الامام شيخ الاسلام علامة المتقدمين ورئيس المتأخرين حلال المشكلات وكشاف المعضلات صاحب التحقيقات الفائقة والتدقيقات الرائقة حبر العلماء وعلم الفقهاء شمس الملة والحق والدين أبي عبد الله محمد بن مكي الملقب بالشهيد رفع الله درجته في عليين وحشره في زمرة الأئمة الطاهرين ع.
وقال في حقه الشهيد الثاني في اجازته للشيخ حسين بن عبد الصمد:
شيخنا الامام الأعظم محيي ما درس من سنن المرسلين ومحقق الأولين والآخرين الامام السعيد أبي عبد الله الشهيد.
وقال فخر الدين محمد بن العلامة الحلي في اجازته التي كتبها على ظهر القواعد عند قراءته عليه: قرأ علي مولانا الامام العلامة الأعظم أفضل علماء العالم سيد فضلاء بني آدم مولانا شمس الحق والدين محمد بن مكي بن محمد بن حامد أدام الله أيامه من هذا الكتاب مشكلاته وأجزت له رواية جميع كتب والدي قدس سره وجميع ما صنفه أصحابنا المتقدمون رضي الله عنهم عني عن والدي عنهم بالطرق المذكورة لها اه وقال السيد مصطفى التفريشي في كتابه نقد الرجال: شيخ الطائفة وثقتها نقي الكلام جيد التصانيف. وفي مستدركات الوسائل: أفقه الفقهاء عند جماعة من الأساتيذ جامع فنون الفضائل وحاوي صنوف المعالي وصاحب النفس الزكية القدسية القوية اه وهو امام من أئمة علماء الشيعة وعلم من اعلامهم وركن من أركانهم وفقيه عظيم من أعاظم فقهائهم يضرب المثل بفقاهته ومفخرة من مفاخر جبل عامل بل من مفاخر الشيعة عظيم المنزلة في العلم جليل القدر عظيم الشأن عديم النظير محقق ماهر متفنن أديب شاعر تشهد بجلالة قدره وعظم شانه تواليفه المشهورة الجليلة العظيمة الفوائد المتنوعة المقاصد في الفقه والأصول وغيرهما كما ستقف عليه كالقواعد التي لم يؤلف مثلها في موضوعها وكالألفية والنقلية الوحيدتين في موضوعهما والدروس التي جمعت على صغر حجمها ما لم يوجد في المطولات والذكرى التي امتازت على أشباهها واللمعة التي صنفها في سبعة أيام وجمعت على اختصارها فأوعت وكفى في الاهتمام بها انها نسخت وهي في يد الرسول، وشرح الأربعين حديثا ولا يبعد انه أولي من صنف في ذلك من أصحابنا.
أحواله قرأ أولا على علماء جبل عامل ثم هاجر إلى العراق سنة 750 وعمره ست عشرة سنة فقرأ على فخر المحققين ولد العلامة ويحكى عن فخر المحققين أنه قال استفدت منه أكثر مما استفاد مني وحينئذ فيما يقال إنه قصد العراق ليقرأ على العلامة فوجده قد توفي فقرأ على ولده تيمنا من غير حاجة منه إلى القراءة عليه غير صحيح لان العلامة توفي سنة 723 قبل ولادة الشهيد بثمان سنين وقد اجازه فخر الدين في داره بالحلة سنة 751 كما في أربعينه واجازه ابن نما بعد هذا التاريخ بستة واجازه ابن معية بعد هذا التاريخ بسنتين واجازه المطارباذي بعد هذا التاريخ بثلاث سنين وبقي في العراق خمس سنين ثم رجع إلى البلاد وهو ابن إحدى وعشرين سنة. وقال في اجازته لابن خاتون: واما مصنفات العامة ومروياتهم فاني ارويها عن نحو من أربعين شيخا من علمائهم بمكة والمدينة ودار السلام بغداد ودمشق وبيت المقدس ومقام الخليل إبراهيم ع. ويعلم من ذلك أنه دخل كل هذه البلاد وقرأ على علمائها واستجازهم وهو يدل على علو همة عظيم وإذا كان عمره اثنين وخمسين سنة كما عرفت وله من الآثار العلمية الباقية إلى اليوم التي يعجز عنها الفحول المعمرون فذلك من كراماته وفضائله التي لم يشارك فيها.
ويظهر انه كان له تردد كثير إلى دمشق ولعله كان فيها في ذلك العصر عدد كثير من الشيعة كان يذهب لتعليمهم وارشادهم وإقامة مدة بين ظهرانيهم ويدل على ذلك أمور منها تسمية بعض كتبه باللمعة الدمشقية لتصنيفه لها في دمشق والقول بأنه صنفها في الحبس غير صحيح كما ستعرف ومنها ما حكاه الشهيد نفسه عن القطب الشيرازي شارح الشمسية حيث قال رأيته بدمشق وهو من أصحابنا بلا ريب ويقال انه قرأ على الشهيد قواعد العلامة وقرأ عليه الشهيد في علم المعقول ومنها قوله في اجازة الشيخ زين الدين علي بن الخازن انه كتبها بدمشق المحروسة ومنها ما نقله السيد علي خان في الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة عن الشهيد في حق