مع بني أسد. أم حديث درة الصدف التي حاربت مع الحسين ع أم حديث مجئ الطيور التي تمرغت بدم الحسين ع إلى المدينة ومعرفة فاطمة الصغرى بقتل أبيها من تلك الطيور: أم غير هذه الأحاديث الكثيرة التي تقرأ على المنابر وهي من الكذب الصراح والتي يطول الكلام بالإشارة إليها في هذه العجالة. أم يزعم أن قراءة الأحاديث المختلقة خير من قراءة الأحاديث الصحيحة المروية قصدا للاصلاح.
وحاصل مقصود هذا المصلح الكبير ان لا ينبه أحد من قراءة التعزية على ترك قراءة الأحاديث المكذوبة وعلى ترك اللحن ولا على قراءة بعض ما ينفر السامعين بل يريد ان تبقى الأحاديث ممزوجا صحيحها بسقيمها وغثها بسمينها وصدقها بكذبها وخطاها بصوابها وقشرها بلبابها ولحنها باعرابها فحبذا هذا الاصلاح. وما ندري ما الذي يسوءه من حمل القراء على قراءة الأحاديث الصحيحة وما الذي يعجبه من قراءة الأحاديث المكذوبة والملونة وليس هو بقارئ تعزية ولا اقامه القراء محاميا ووكيلا عنهم.
ومما قاله في تحسين لبس الأكفان وكشف الرؤوس وشقها بالمدى والسيوف يوم عاشورا: ما الذي نقموه على هذه الفئة وسفهوا لأجله احلامها واخرجوها به عن دائرة الإنسانية أ لبسها لبس الموتى فهذا عمل غير معيب عقلا وهو مشروع دينا في احرام الحج ومندوب في كل آن للآخرة وتأهبا للموت وكفى واعظا ومن الغرور بالدنيا محذرا ومنذرا أ كشفها عن رؤوسها وهذا أيضا مستحسن طبا مشروع بالاحرام دينا أم شقها أرؤسها بآلة جارحة وهذا أيضا مسنون شرعا إذ هو ضرب من الحجامة تلحقها الأحكام الخمسة التكليفية مباحة بالأصل والراجح منها مستحب والمرجوح مكروه والمضر محرم والحافظ للصحة واجب فقد تمس الحاجة إلى عملية جراحية تفضي إلى بتر عضو أو أعضاء رئيسية حفظا لبقية البدن وسدا لرمق الحياة الدنيوية والحياة الدنيا بأسرها وشيكة الزوال والاضمحلال أ تباح هذه الجراحة الخطرة لفائدة ما دنيوية ولا تباح جراحة ما في اهاب الرأس لأعظمها فائدة وأجلها سعادة أخروية وحياة أبدية وفوز بمرافقة الأبرار في جنة الخلد انتهى.
قوله الحجامة مباحة بالأصل بل هي محرمة بالأصل لأنها ضرر وإيذاء للنفس ولا تحل الا مع الضرورة لدفع مرض أو ألم أعظم منها والا لكانت كفعل حجام ساباط الذي ضرب به المثل فقيل: أفرع من حجام ساباط.
وكان إذا لم يجد من يحجمه حجم زوجته وأولاده قوله والمرجوح مستحب فيه أنه يشمل الواجب والمستحب قوله والحافظ للصحة واجب فيه انه لا يجب دائما فمع الخوف على النفس يجب وبدونه يستحب. وحيث جعل شق الرؤوس نوعا من الحجامة فهو إما واجب وذلك حينما يخشى الضارب على نفسه الهلاك لو لم يضرب نفسه بان يخبره الطبيب الحاذق ان في رأسه مرضا مهلكا لا يشفيه الا جرح رأسه وشقه أو مستحب بان يكون الضارب محموما حمى شديدة ويخبره الطبيب الحاذق ان دواءه في شق رأسه واخراج الدم منه ويشترط في هذين عدم التعرض للشمس وشدة الحركة الذي قد يوجب شدة مرضه أو هلاكه واما محرم وذلك حيث يكون ايذاء صرفا وضررا بحتا. وحيث إن الذين يضربون رؤوسهم ليس في رؤوسهم داء ولا في أبدانهم حمى فانحصر فعلهم في الحرام وإذا كان محرما لم يكن مقربا إلى الله ولا موجبا لثوابه بل موجبا لعقابه ومغضبا لله ولرسوله ص وللحسين ع الذي قتل لاحياء شرع جده ص قوله قد تمس الحاجة إلى عملية جراحية الخ فيه ان العملية الجراحية المفضية إلى بتر العضو أو الأعضاء تباح بل تجب لأنها مقدمة لحفظ النفس الواجب وتباح لأجل الضرورة فان الضرورات تبيح المحظورات فيقدم الأهم وهو حفظ النفس على المهم وهو عدم الايذاء والاضرار ويرتكب أخف الضررين ولكن الحرام لا يباح لادراك المستحب فالاستحباب لا يعارض الحرمة ولا يطاع الله من حيث يعصى ولا يتقبل الله الا من المتقين. ومن ذلك تعلم أن قوله أ تباح هذه الجراحة الخطرة لفائدة ما دنيوية ولا تباح جراحة ما في اهاب الرأس لأعظمها فائدة وأجلها سعادة أخروية كلام شعري فان الفائدة الأخروية وهي الثواب لا تترتب على فعل المحرم فلا يكون في هذا الفعل الا الضرر الدنيوي والأخروي.
وما أشبه هذا الكلام الشعري بما يحكى ان رجلا صوفيا سرق تفاحة وتصدق بها فسأله الإمام الصادق ع عن سبب فعله ذلك فقال إنه لما سرقها كتبت عليه سيئة فلما تصدق بها كتب له عشر حسنات لأن من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الا مثلها فإذا أسقطنا سيئة من عشر حسنات بقي تسع حسنات فقال له الصادق ع ان هذا جهل أ وما سمعت قوله تعالى انما يتقبل الله من المتقين انك لما سرقت التفاحة كتبت عليك سيئة فلما تصدقت بها كتبت عليك سيئة أخرى لأنك تصدقت بغير مالك أو ما هذا معناه.
ثم قال: لا يقال إن السعادة والفوز غدا لا يترتبان على عمل ضرري غير مجعول في دين الله لأنا نقول أولا الغير مشروع كذا في الاسلام من الأمور الضررية هو ما خرج عن وسع المكلف ونطاق طاقته لقبح التكليف حينئذ بغير مقدور إما ما كان مقدورا فلم يقم برهان عقلي ولا نقلي على منع جعله وكونه شاقا ومؤذيا لا ينهض دليلا على عدم جعله إذ التكاليف كلها مشتقة من الكلفة وهي المشقة وبعضها أشد من بعض وأفضلها أحمزها وعلى قدر نشاط المرء يكون تكليفه وبزنة رياضة المرء نفسه وقوة صبره وعظمة معرفته يكلف بالأشق فالأشق زيادة للاجر وعلوا للرتبة ومزيدا للكرامة ومن هاهنا كانت تكاليف الأنبياء أشق من غيرها ثم الأوصياء ثم الأمثل فالأمثل وفي الخبر ان عظيم البلاء يكافؤه عظيم الجزاء وفي آخر ان أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأوصياء ثم الأمثل فالأمثل من المؤمنين وعباد الله الصالحين وهكذا إلى الطبقة السفلى وهي طبقة المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلا فهم أخف تكليفا من سائر الطبقات انتهى.
قوله لا يترتبان على عمل ضرري غير مجعول في دين الله فيه ان الجعل للأحكام لا للأعمال فيقال هذا الحكم مجعول في دين الله أو غير مجعول ولا معنى لقولنا هذا العمل مجعول في دين الله أو غير مجعول بل يقال جائز أو غير جائز أو نحو ذلك قوله لأنا نقول أولا الغير مشروع كذا في الاسلام الخ فيه أولا ان قوله الغير مشروع لحن غير مسموع تكرر وقوعه منه كما نبهنا عليه إذ لا يجوز دخول آل على المضاف الا إذا دخلت على المضاف إليه كالجعد الشعر ثانيا انه ذكر أولا ولم يذكر ثانيا قوله أما ما كان مقدورا فلم يقم برهان عقلي ولا نقلي على منع جعله فيه أولا ان الكلام في العمل الذي فيه ضرر كما صرح به في قوله لا يترتبان على عمل ضرري والجعل للحكم لا للعمل كما مر فكانه اشتبه عليه ما سمعه من أن الله لم يجعل حكما ضرريا بمقتضى قوله ص لا ضرر ولا ضرار وما