أوله على استدعائها وإن بعد الجزء الأخير، كما لا يقدح بعد الجزء الأخير من الطلاق الواحد عن الاستدعاء، وهما مشتركان هنا في الوحدة من حيث اتحاد المطلوب، وكون البذل في مقابله، وإن افترقا بتعدد أحدهما في نفسه فإن ذلك أمر آخر ".
قلت: لكن فيه ما ذكرناه من الاشكال، وهو عدم صلاحية تناول أدلة الخلع لمثل المفروض، خصوصا بعد تخلل الرجعة المقتضية لعودها زوجة المنافية لكونها جزء الخلع كما هو واضح، بل قد يقال بعدم معقولية ما ذكره، ضرورة كون حاصله أن المجموع من حيث هو كذلك هو المقابل بالعوض، فينبغي أن يكون هو الخلع، ولا يتعقل كون مجموع طلقات مستقلات طلاقا واحدا خلعيا، إذ هو كدعوى كون مجموع بيوع مثلا بيعا واحدا، كما أنه لا يتعقل أيضا كون كل من الثلاث طلاقا خلعيا، ولذا يتوقف رجوعه على رجوعها في الأولتين، وأنه بالتمام يكون الطلاق طلاقا واحدا خلعيا، إذ هو كما ترى، خصوصا مع ملاحظة ما ورد من النصوص (1) بأن الخلع تطليقة بائنة، بل ظاهر جميع النصوص كون الخلع تطليقة واحدة بائنة، فلا تتناول المركب من الطلقات المتعددة بل المركب منها ليس طلاقا شرعيا، بل هو نحو المركب من البيوع المتعددة، أقصى ما هنا جعل الشارع الطلاق الثالث محرما لنكاحه لها حتى تنكح زوجا غيره، كما أنه جعل التاسع في بعض الوجوه محرما أبدا، فالمتجه حينئذ دعوى الصحة في الفرض لا على جهة الخلع، نعم يصح جعالة على البحث السابق.
وحينئذ (فإن طلق ثلاثا فله الألف، وإن طلق واحدة) كما عن المبسوط (قيل له: ثلث الألف، لأنه جعلته في مقابلة الثلاث، فاقتضى تقسيط المقدار على الطلقات بالسوية، وفيه تردد، منشأه جعل الجملة في مقابلة الثلاث بما هي فلا يقتضي التقسيط مع الانفراد) خصوصا والطلقة ليست متقومة، والعمدة هنا الثالثة إن لم يختص بها البذل.