وعلى كل حال فلا دليل إلا الأصل المقطوع، والاجماع الممنوع، والاحتياط الذي لا تجب مراعاته، وخبر موسى بن بكر (1) عن الكاظم عليه السلام قال: " قال علي عليه السلام: المختلعة يتبعها الطلاق ما دامت في العدة " الضعيف سندا القاصر دلالة، ضرورة احتمال كون المراد منه جواز أن تطلق مرة أخرى ما دامت في العدة، وذلك بأن ترجع في البذل فيراجعها الزوج ثم يطلقها، بل لعله أولى من دعوى إرادة اتباع الخلع الطلاق ما دامت في العدة الذي لا يقول به الخصم، إذ هو يعتبر اتباع صيغته بصيغته، لا أنه يطلقها في العدة.
وأعجب من ذلك حمل تلك النصوص الكثيرة على التقية لمكان معارضة الخبر المزبور، مستدلين على ذلك بقول الصادق عليه السلام لزرارة (2): " ما سمعت مني يشبه قول الناس فيه التقية، وما سمعت مني لا يشبه قول الناس فلا تقية فيه " إذ لا يخفى عليك أن ذلك مع معارضتها بما لا يشبه قول الناس، وليس إلا الخبر المزبور الذي قد عرفت حاله.
وأغرب من ذلك استدلال ابن سماعة وغيره بأنه " قد تقرر عدم وقوع الطلاق بشرط، والخلع من شرطه أن يقول الرجل إن رجعت فيما بذلت فأنا أملك ببضعك فينبغي أن لا تقع به فرقة " إذ هو كما ترى ممنوع أصلا وتفريعا، بل ذلك من أحكامه لا من شرائطه، وعلى تقديره فليس هو شرطا في الخلع على وجه ينافي تنجيزه، وإنما هو اشتراط أمر آخر كما تسمعه في المباراة بناء على اشتراط قول ذلك فيها.
ومن ذلك يعلم ضعف فقاهة ابن سماعة وأن جميلا كان أفقه منه، فإنه قد روى جعفر (3) أخوه " أن جميلا شهد بعض أصحابنا وقد أراد أن يخلع ابنته من بعض أصحابنا، فقال جميل للرجل: ما تقول؟ رضيت بهذا الذي أخذت