بل يقوى في النظر من ذلك كله أن المدار على الكراهة، إلا أنها لما كانت لا تعلم غالبا إلا بالقول أو الفعل - بل الأخير منهما لا دلالة فيه غالبا إلا بأن تفعل المخالفة لزوجها - فلم يبق إلا القول الدال على ذلك، كما قالت جميلة زوجة ثابت (1) وإلا فالمدار على المدلول دون الدال، ومن هنا اكتفى المصنف ومن تأخر عنه - بل في كشف اللثام نسبته إلى الأصحاب - بالكراهة منها، سواء علم ذلك من قولها أو فعلها أو غيرها، لأن بها يتحقق خوف عدم إقامة حدود الله تعالى فيما بينهما.
ومن ذلك يظهر لك النظر فيما في الرياض من عدم الاكتفاء بالكراهة وإن وافق على عدم اعتبار العبارات المخصوصة، لكن قال: " لا بد من الوصول إلى هذا الحد الذي في النصوص، وهو تعديها في الكلام بما يدل على خوف وقوعها مع عدم الطلاق في الحرام " بل قال: لا وجه لاطلاق المتن وغيره الاكتفاء بالكراهة محتجا بظاهر النصوص المزبورة قال: " بل ربما دل بعضها على أن الاكتفاء بأقل من ذلك قول العامة " إلا أنه كما ترى حتى ما ذكره أخيرا، فإن قوله عليه السلام في حسن الحلبي (2): " وقد كان الناس " إلى آخره ليس إشارة إلى العامة، وإنما المراد حكاية فعل الناس، وأنهم يرخصون بأقل من هذا الكلام المنفر لكل أحد، بل مقتضاه فساد الخلع من النساء التي تختلع في عصرنا هذا وما قاربه بمحض من أعاظم علمائه.
وأغرب منه ما حكاه في الحدائق عمن عاصره من مشائخ بلاد البحرين من اعتبار الكراهة الذاتية، قال: " وقد حضرنا في غير موضع مجلس الخلع، وكان لا يوقعونه إلا بعد تحقيق الحال ومزيد الفحص والسؤال في ثبوت الكراهة الذاتية، وعدم الكراهة العارضة، والسعي في قطع الأسباب الموجبة للكراهة التي تدعيها المرأة، ليعلم