بينهم وهو (أن الزائد عن مهر المثل من الثلث) لكونه كالمحاباة في المعاوضات (وهو أشبه) عند المصنف بأصول المذهب وقواعده التي منها ما عرفت سابقا من أن تصرف المريض مقصور على ثلث ماله حيث يكون متبرعا به، وكان مهر المثل هو عوض البضع شرعا، كالقيمة في المتقومات، ومن ثمة لو تصرف فيه متصرف على وجه يضمنه كوطء الشبهة والمكره يجب عليه مهر المثل، فبذلها فدية للطلاق يتقدر نفوذها من الأصل بمهر المثل، لأن العائد إليها البضع، فيعتبر قيمته شرعا، كما لو اشترت شيئا بثمن مثله فإن بذلت من ذلك كان مقدار مهر المثل من الأصل والزائد من الثلث، كالمحاباة في المعاوضات، وحينئذ فلو كان مهر مثلها أربعين دينارا مثلا فبذلت مأة ولم يكن عندها غيرها صح للزوج ستون: أربعون في مقابلة مهر المثل، وعشرون بالمحاباة، هي ثلث باقي التركة، ويرجع إلى الورثة أربعون ضعف ما نفذت فيه المحاباة.
وربما قيل: إن الجميع يعتبر من الثلث، لأن العائد إليها غير متمول بالنسبة إلى الورثة، والحجر على المريض إنما هو لحق الورثة، وفي المسالك " هو قول موجه " وفيه أن الخروج من الثلث مخالف للعمومات التي ينبغي الاقتصار في الخروج منها على المتيقن الذي هو غير الفرض، بل يكفي الشك في بقائه على مقتضاها، بل لولا الشهرة لكان الأول في غاية القوة، وإن قال في المسالك، " إنه قول نادر غير موجه " ضرورة عدم صدق المحاباة فيه، لعدم مقدر عرفا وشرعا في البذل حتى يكون الزائد عليه محاباة، وكون مهر المثل قيمة للبضع في بعض الأحوال لا يقتضي كونه قيمة للبذل، لا أقل من الشك، فيبقى على العمومات هذا كله إذا لم تبرأ من مرضها، ولو برئت لزم الجميع كسائر المنجزات.
وأما مرض الزوج فلا يؤثر في الخلع، بل يصح خلعه في مرض الموت وإن كان بدون مهر المثل، لأن البضع لا يبقى للوارث، وإن لم يجر خلع فلا وجه للاعتبار من الثلث، ولأنه لو طلقها بغير عوض في مرض الموت لا يعتبر فيه الوضع من الثلث، فكذا إذا نقص عن مهر المثل، والله العالم.