فمدوا الأعناق " وإن كان كالأول في غير الحلف بالبراءة، بل هو في أصلها، وقد استفاضت النصوص (1) في النهي عنها للتقية وإن كان العمل على خلافها، خصوصا إذا كانت لحفظ النفس من القتل، مع أنها براءة لفظية لا قلبية. بل قوله تعالى (2): " إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان " كالصريح في جوازها فضلا عما دل على (3) أن الاكراه مما رفع عن الأمة، فلا بد من حمل تلك النصوص على ضرب من المبالغة في أمر البراءة.
بل منه يستفاد في الجملة حكم المقام الذي هو قسم من البراءة أيضا وإن كانت بعنوان الحلف المعلوم عدم انعقاده بها وحرمته لمعلومية عدم جواز الحلف بغير الله، بل في التنقيح " التلفظ بذلك أي البراءة إن علقه على محال لا يخرجه عن الاسلام، لأن حكم المعلق حكم المعلق به، وإن علقه على ممكن فهل يخرج به عن الاسلام أم لا؟ الحق نعم، لقيام الدليل على وجوب الثبات على الاعتقاد الصحيح، وامتناع الانتقال عنه، فإذا علق على ممكن والممكن جائز الوقوع فيقع المعلق عليه، نعم إن كان المتلفظ يعلم معنى التعليق كفر في الحال وإلا فلا ".
ولعله إلى ذلك أشار في الرياض حيث قال: (بقوله خ ل): " إن الحلف بالبراءة يحتمل الكفر في بعض صوره " وكان مراده بالعلم بمعنى التعليق قصده، فيكون الحاصل أنه متى قصد معنى التعليق وكان المعلق عليه أمرا ممكنا نافى الجزم المأمور به في الاعتقاد، نعم إن قصد بذلك المبالغة في الامتناع عن المحلوف عليه لم يكن كفرا، ولكن المتجه على هذا عدم الفرق بين كون المعلق عليه أمرا محالا وعدمه، ضرورة منافاة التعليق على كل حال للجزم.
ولعله لذا قال الكركي في حاشيته على الكتاب في المقام: " وهل يكفر بذلك؟