وربما يؤيده ما سمعته منهم في الغائب لو طلق قبل المدة فبان مصادفته الشرط من أن الأقوى الصحة المقابل بالاحتمال الضعيف من كون مضي المدة شرطا شرعيا وقد فات، ومثله يأتي في الفرض، بأن يقال: البطلان فيما لو طلق في طهر المواقعة فبان أنها حامل، لفوات شرطية الاستبراء لا لكون الحمل غير بين، وإلا فلو طلق بعد الحيضة فبان أنها حامل وأن الحيض كان في أثناء الحمل بناء على مجامعته له صح قطعا وإن كان غير بين حال الطلاق، وكذا لو طلق بعد المدة فبان أنها حامل وإن لم يكن الحمل مستبينا، وكذا لو طلق المسترابة بعد مضي المدة فبان أنها حامل صح وإن لم يكن الحمل مستبينا حال الطلاق، والصحيحان اللذان ذكرهما لا دلالة فيها على اشتراط صحة الطلاق بذلك خصوصا بناء على ما اعترف به من أن المراد فيهما وفي غيرهما بيان الإباحة المتوقفة على الاستبانة لا اشتراط صحة الطلاق بذلك.
وكذا عبارات الأصحاب الذين نسب إليهم الاشتراط لا دلالة فيها على الشرطية قال في المقنعة: " والحامل المستبين حملها تطلق بواحدة في أي وقت شاء " وقال الشيخ في النهاية: " وإذا أراد أن يطلق امرأته وهي حبلى مستبين حملها طلقها أي وقت " وكذا عبارة ابن إدريس بل عن أبي الصلاح عدم التقييد بالاستبانة.
وما عساه ينساق من نصوص (1) النهي عن الطلاق في طهر المواقعة وأنه ليس بطلاق وترجع الامرأة إلى زوجها مما ينافي ذلك، لأنه لو صح طلاق الحامل واقعا وجب التربص فيه حينئذ إلى بيان كونها حاملا أولا يدفعه أن ذلك كله للحكم في الظاهر لأصالة عدم الحمل لا لما لو اتفق بيان الحمل، ويؤيد ذلك كله مضافا إلى إطلاق الأدلة عدم ذكر أحد من الأصحاب ذلك من شرائط المطلقة أو من شرائط الطلاق، فمن الغريب جزم الفاضل المزبور بذلك، ولكن ظني أن المصابيح قد جمعت بعد وفاته من أوراق وحواشي ونحو ذلك، وفيها المنسوخ وغيره، فاشتبه على الجامع وجعلها مصباحا.