المقتضي للانفاق تحق الزوجية، والفرض أنها كذلك عندهم، وإنما المعلوم من إسقاطه عصيان الزوجة فيما يجب عليها من الخطاب من حيث الزوجية، لا عصيانها بمخالفة الخطاب الآخر وإن استلزم ذلك عدم جواز وطئه إياها، فهو منع شرعي لا منع منها، وإلا فهي ممكنة له من الوطئ على هذا الحال، إلا أن الشارع لم يجوز له وطئ الكافرة. اللهم إلا أن يقال: إن الأصل براءة الذمة من النفقة، إنما المعلوم من وجوبها مع التمكن من وطئها على وجه يشمل المقام، بل يكفي في السقوط الشك في تحقق شرط الوجوب.
(و) لعل من ذلك يعلم الحكم فيما (لو اختلف الزوجان في السابق إلى الاسلام) بعد اتفاقهما على عدم الاقتران (ف) إن المصنف وغيره بل نسبه ثاني الشهيدين إلى الأصحاب، ذكروا أن (القول قول الزوج، استصحابا للبراءة الأصلية) إذ لا ريب في ابتناء ذلك على الشك في تحقق شرط وجوب الانفاق، بخلاف ما لو قلنا إن الزوجية سببه، فالنفقة حينئذ ثابتة، والنزاع في المسقط، والأصل عدمه، فيكون القول قولها، كما عن قول الشافعية واستوجهه في المسالك، لكن في كشف اللثام يدفعه أن النفقة ليست أمرا واحدا مستمرا من حين النكاح، وإنما تثبت يوما فيوما، والأصل في كل يوم عدمها إلى أن يثبت موجبها، وهو التمكين، وفيه أن بناء الوجوب كما عرفت على أن الزوجية سبب الانفاق، وهو مستمر في كل يوم حتى يعلم تحقق المسقط، وهو كون المنع منها.
ولو ادعى السبق بالاسلام قبل الوطئ الموجب للبينونة بمجرد الاختلاف ففي القواعد (إن القول قولها، لأن الأصل بقاء استحقاق المهر الذي قد وجب بالنكاح وإنما يسقط بالمسقط، والأصل عدمه) وفيه إن الأصل عدم الوطئ.
ولو قالت: أسلمنا معا فالنكاح باق، وقال: بل أسلمت قبلي أو أسلمت قبلك ولم تكن مدخولا بها ففي تقديم قوله أو قولها إشكال من تعارض الأصل والظاهر، ولو قال للوثنية: أسلمت بعد إسلامي بشهرين فلا نفقة لك علي إلا فيما بعدهما، فقالت: بل بشهر أو قال: أسلمت بعد العدة فلا نفقة ولا نكاح، فقالت: بل فيها