عدا ابن الجنيد، فلترجح هذه على تلك أيضا بالعمل بين الأصحاب في صورة الشرط على أن شرط الرقية في الفرض نحو شرط الحرية التي صرح بصحته فيها وإن كان لا يفيد إلا على مذهب ابن الجنيد، ضرورة اشتراكهما في كونهما شرطي نتيجة شرعية لأسباب خاصة، فمع فرض صلاحية الشرط للأول منهما يتجه صلاحيته للثاني منهما، بل هو لازم له عند التأمل، واستبعاد صلاحية الشرط لذلك اجتهاد في مقابلة النص.
ودعوى عدم صلاحية الشرط لرقية الحر - وإلا لصح اشتراطها في المتولد من الحرين - يدفعها أن المسلم امتناعه تأثير الشرط في رقية المتصف بالحرية فعلا بل والمستعد لها مع عدم مقتضى لها غيره، كالمتولد من الحرين، فإن رفع اليد من كل من الأبوين عن مقتضى تأثير إطلاق العقد الشركة يقتضي عدم لحوق المتولد منهما بكل منهما في الصفة، وذلك لا يقتضي الرقية، بل أقصاه نفي حريته من حيث التبعية، أما حريته للأصل فهي باقية لم ترتفع بشئ بخلاف ما نحن فيه، فإن رفع يد الحر عن مقتضي ما أثبته العقد له من الشركة في الولد يقتضي اختصاص الآخر بالنماء فيتبعه في الملك حينئذ، ففي الحقيقة صيرورته رقا بالتبعية لا بالشرط، وإنما أفاد رفع مقتضي الحرية الذي كان حاصلا بسبب إطلاق العقد، بل عند التأمل الجيد لا يزيد ما نحن فيه على اشتراط مالك العبد على مالك الجارية كون النماء له وبالعكس الذي قد ذكرنا أنه لا خلاف في صحته.
ودعوى منع صلاحية الشرط لذلك أيضا ممنوعة، فإنه لا عقل ولا نقل يقتضي حرية المتولد بين الحر والمملوك على وجه ينافي الشرط المزبور، بل لعلهما شاهدان على خلافه كما عرفت، نعم أقصى ما دلت عليه الأدلة أنه مع الاطلاق يقتضي الشركة في الولد، فيكون جزؤه حرا، وقد عرفت غير مرة أن الحرية تسري لبنائها على التغليب، فمن هذه الجهة حكم بالحرية في النصوص المزبورة مع الاطلاق، وهو المراد من قوله عليه السلام فيها: (ليس يسترق الولد) إلى آخره، لا أن المراد أنه لا يصح الاشتراط على الحر من مولى المملوك كون النماء له الذي قد عرفت ظهور الأدلة في خلافه.