في شئ من الوقائع والأحكام، فإنهم كثيرا ما كانوا يختلفون في المسائل ويتناظرون فيها، ومتى أورد أحدهم نصا يدل على مقالته التزم به خصمه، ولم يقل إن النبي صلى الله عليه وآله مجتهد فيجوز لمجتهد آخر مخالفته، أو أنه يجوز دفع النص الوارد عنه بالاجتهاد ومراعاة المصالح.
بل وقع من المخالف المحرم للمتعة والشيخ المتقدم عليه ما يقتضي الاعتراف بالمنع من مخالفة النص وعدم جواز التعلل في ذلك بالمصالح، كقول أبي بكر (1) حين استأذنه أسامة برسالة عمر بن الخطاب في الرجوع معللا بأن معه وجوه الناس، ولا يأمن على خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وحرمه وحرم المسلمين أن يتخفهم المشركون حول المدينة: (لو تخطفني الكلاب والذئاب لم أرد قضاء قضى به رسول الله صلى الله عليه وآله) وقوله حين سألته الأنصار برسالة عمر أيضا أن يولي أمرهم أقدم سنا من أسامة فوثب من مكانه وأخذ بلحية عمر (2): (ثكلتك أمك يا ابن الخطاب استعمله رسول الله صلى الله عليه وآله وتأمرني أن أنزعه).
وقول عمر مخاطبا للأنصار يوم السقيفة (3): (أيكم يرضى أن يتقدم قدمين قدمهما رسول الله صلى الله عليه وآله رضيك لأمر ديننا أفلا نرضاك لأمر دنيانا حين احتجوا على أولويتهم بالأمر بكونهم الأنصار آووا ونصروا إلى آخر ما احتجوا به في ذلك اليوم) وليس احتجاجه عليهم بما سمعت إلا تقديما للنص على الاجتهاد، ولو جاز الاجتهاد مع النص لم يصح له ذلك، وقوله (4) حين قال قائل: أتؤمر علينا هذا الشاب الحدث ونحن جلة قريش: (دعني يا رسول الله صلى الله عليه وآله أضرب عنقه فقد