على الجهة، فيكفي قبض واحد من عباد الله بخلاف غيرها من الوقف على الفقراء ونحوهم كما ترى لا تستأهل ردا، ضرورة أن الوقف هنا على المسلمين أو أخص منهم، كما في المقبرة الخاصة، مع أن الفعل المزبور فرع حصول الوقف لا أنه به يتم الوقف وخصوصا في أمثال ذلك من المصالح العامة التي مرجعها للمسلمين بل إن أريد حصر قبضها لمثل ذلك على وجه لا يجزي غيرها ازداد اشكالا، لمخالفته لعموم ولاية الحاكم المقتضي للاكتفاء بحصول القبض منه، ومن منصوبه بالاستيلاء عليه بإذن الواقف، كغيره من الموقوفات من غير حاجة إلى صلاة أو دفن.
ولذا صرح الفاضل في القواعد والمحقق الثاني في جامعه والشهيد الأول في دروسه، والثاني في مسالكه بالاكتفاء به، كما هو المحكي عن الايضاحين والتنقيح والكفاية والمفاتيح، إلا أن الجميع ذكروا ذلك بلفظ الأقرب والأقوى ونحوهما، مشعرين باحتمال العدم، كما صرح به في جامع المقاصد قال: لعدم النص، وظاهره وجوده في الأول، لكن لم نعثر عليه.
وعلى كل حال فقد قيده غير واحد بوقوع ذلك بإذن الواقف ليتحقق الاقباض الذي هو شرط صحة القبض، وبوقوعهما بنية القبض أيضا فلو أوقعاه لا بنيته كما لو وقع قبل العلم بالوقف أو بعده قبل الإذن في الصلاة أو بعدها لا يقصد القبض أما لذهوله عنه، أو لغير ذلك لم يعتبر، وهو مؤكد لما قلناه هناك في القبض.
لكن في جامع المقاصد وتبعه غيره " وإنما اختص هذا الوقف بنية القبض ولم يشترط في مطلقه، لأن المقصود هنا صرفه إلى الجهة الموقوف عليها، وقبض بعض المستحقين كقبض الأجنبي بالنسبة إلى قبض الموقوف عليه، فلا بد من نية صادقة له إلى الوقف، بخلاف الوقف على معين، فإن قبضه متحقق لنفسه، والمطلوب صرفه إليه وهو حاصل، فلا حاجة إلى قصد بعينه " ومن الفرق يظهر أن القابض لو كان وكيلا عن الموقوف عليه اعتبر قصده القبض عن الغير، وكذا لو وقف الأب والجد ما بيدهما على المولى عليه اعتبر قبضهما عن الطفل، ولا يكفي استصحاب يدهما، لأن القبض السابق محسوب لنفسه لا لغيره.