بشر الوارث هي صدقة بتا بتلا في حجيج بيت الله تعالى وعابر سبيل الله لا تباع ولا توهب ولا تورث فمن باعها أو وهبها فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا " فإن المراد بالوارث الموقوف عليه كما أن المراد من قوله (عليه السلام) " بتة بتلاء " بائنة منقطعة عن صاحبها، بل لعل قوله لاتباع ولا توهب يومي إلى إرادة الصدقة بها عينا ومنفعة على الموقوف عليه، إلا أن الصدقة بالعين ليس على حد غيرها من الصدقة التي تباع وتوهب بل هي له على إرادة ملك نحلتها مثلا ملكا مطلقا، على أنه لا إشكال في أن أمثال هذه العيون والبساتين والدور والعبيد أموال تضمن بالتلف، وليس في الشرع مال بلا مالك، والفرض خروج الواقف بوقفه عنه، فليس إلا الموقوف عليه الذي قصد التصدق به عليه، ودعوى كونه لله واضحة الفساد، ضرورة أن المتصدق قصد بصدقته خصوص الموقوف عليه، ومقتضى شرعية ذلك ترتب ما قصده عليه لا غيره، على أن رب العزة تعالى عن شبه ملك الآدميين، وإنما هو مالك السماوات والأرضين وما نحن فيه من الملك المالي المختص بالآدميين، وملكه بالمعنى المزبور إنما هو لوليه كما في النص، والتزام ذلك هنا معلوم الفساد، ضرورة عدم كون العين الموقوفة من الأنفال التي هي للإمام (عليه السلام) بحق الإمامة، كما هو المعلوم من حصرها بغير المقام كما هو واضح.
وبذلك كله ظهر لك وجه الدليل في المسألة، لا ما يذكر في جامع المقاصد والمسالك وغيرهما مما هو واضح الضعف، ومن الغريب مع اعتراف بعضهم بضعف ما ذكروه دليلا قال: الأقوى الانتقال إليه، لكنه إنما يتم في الموقوف عليه المعين، أما لو كان على جهة عامة أو مسجد ونحوه فالأقوى أن الملك فيه لله تعالى شأنه، لتساوي نسبة كل واحد من المستحقين إليه واستحالة ملك كل واحد أو واحد معين أو غير معين، للاجماع واستحالة الترجيح ولا المجموع من حيث هو مجموع، لاختصاص الحاضر به.
وكأنه تبع بذلك الفاضل في قواعده حيث أنه بعد أن جزم بزوال الوقف عن مالكه قال: " ثم إن كان مسجدا فهو فك ملك، كالتحرير، وإن كان على معين فالأقرب أنه يملكه، وإن كان على جهة عامة فالأقرب أن الملك لله تعالى " وإن كان مخالفا له في