ومن هنا قال في المسالك: " يتجه حينئذ تعلق حق الجناية برقبته، إذا لم يكن كسوبا، فيجوز بيعه كما يقتل في العمد، بل هو أدنى منه ".
وفيه أن ذلك يقتضى ترجيح أدلة الجناية على أدلة الوقف، وحينئذ يتجه تعلقها من أول الأمر برقبته، إلا أن يفديه المولى، كما احتمله الفاضل في المحكي من المختلف، ولعله لا يخلو من قوة، وإلا كان المتجه سقوط حق الجناية عن المولى مطلقا حتى في كسب العبد الذي هو أحد أمواله، لأنه لا يعقل عبده، فينتظر حينئذ انعتاقه القهري أو يأخذ الأرش من بيت المال كالحر المعسر.
وبالجملة فالمتعين في المسألة أحد الاحتمالين، وإن كان الأول أقواهما، لا التعلق بمال المولى مطلقا، ولا خصوص كسبه، فإن لم يكن كسوبا فبرقبته، إذ لا يخفى عليك خروجهما عن قواعد الفقه، ولا ينافي ذلك ما ذكرناه في مسألة العمد الذي تعين حق الجناية، وعدم بطلان دم المسلم بالقصاص، بخلافه هنا، فإنه مع عدم التعلق برقبته الذي هو مقتضى دليل الجناية يقتضي بطلان دم المسلم ومرجوحية حق الجناية بالنسبة إلى حق الوقف، والمعلوم خلافه فتأمل جيدا، فإنه دقيق نافع والله العالم.
هذا كله على القول بانتقاله إلى الموقوف عليهم، أما لو قلنا بعدم انتقاله أو انتقاله إلى الله تعالى ففي القواعد وغيرها تعلق بكسبه، بل في المسالك " هو كذلك قطعا - لكن قال متصلا بذلك ويحتمل تعلقها بمال الواقف ببيت المال، بل في القواعد وكذا إن كان على المساكين أو على المعسر أي في التعلق بالكسب.
ولكن لا يخفى عليك بعد التأمل فيما ذكرنا أنه لا فرق بين الجميع فيما سمعته من الاحتمالين وأقواهما.
(أما لو جنى عليه فإن أوجبت الجناية أرشا) لكونها خطأ أو كان الجاني حرا (فللموجودين من الموقوف عليهم) دون غيرهم كما في محكي السرائر والتبصرة، و احتمله في القواعد وقواه في محكي المبسوط والايضاح لكونه حينئذ شبه المنفعة المختصة بهم، إن لم يكن منها، فلا استحقاق لغيرهم من البطون الذين يتوقف استحقاقهم