المسجد ونحوه.
وفيه أولا: مضافا إلى ما عرفت امكان دعوى الاجماع منا على الانتقال إلى الموقوف عليه، خصوصا في المعين، وإن أرسل في محكي المبسوط والسرائر قولا بالانتقال إلى الله تعالى إلا أن الظاهر كونه للعامة كما لا يخفى على المتتبع، بل قيل: ظاهر التذكرة أو صريحها أن الخلاف بين الخاصة والعامة - في أنه هل ينتقل إلى الموقوف عليه أو إلى الله سبحانه وتعالى - إنما هو فيما إذا وقف على معين أو جهة عامة.
وثانيا: امكان دعوى القطع باتحاد كيفية سببية الوقف، وأن مقتضاه مقتضى واحد سواء كان متعلقه عاما أو خاصا ولا اشكال في اقتضائه الانتقال إلى المعين، فيثبت في غيره أيضا مطلقا، إذ كل وقف لا بد له من موقوف عليه كما عرفته في محله وثالثا: قد ذكرنا غير مرة أن نسبة الملك إلى الكلي كنسبة المملوكية له ثابتة في الشرع، ولا محيص عن القول بها في مثل الزكاة والخمس والأرض المفتوحة عنوة والوصية والنذور؟ وغيرها، فما ندري ما السبب الذي دعاهم إلى هذه التكلفات والتجشمات التي لا توافق قواعد الفقه، خصوصا بعد احتماله في الدروس أن الملك في المسجد فضلا عن غيره للمسلمين، ضرورة اقتضاء ذلك عدم امتناعه، فيجب أن يكون هو مقتضى العقد الذي قد قصد به الصدقة بالعين والمنفعة عليهم، لكن على الوجه الذي اعتبره الواقف، " فإن الوقوف عليه حسب ما يوقفها أهلها " " بالنسبة إلى ذلك.
ولعله لذا أطلق المصنف والمعظم أن الوقف ينتقل إلى الموقوف عليه لمعلومية عدم خلو وقف عن موقوف عليه، إما عام، وإما خاص حتى الوقف على الجهات، بل لعل ما تقدم من الفاضل من جواز وقف البقرة للحرث مثلا خاصة، على معنى بقاء غيره من المنافع على ملك المالك أيضا كذلك فتكون عين البقرة ومنفعتها الخاصة للموقوف عليه، وإن بقي غيرها من المنافع على ملك الواقف كما لو استثنى بعض المنافع من تسبيل الوقف، فتأمل جيدا في ذلك بل وفي غيره من الوقف المنقطع بناء على المختار عندنا من أنه قسم من الوقف لا أنه حبس، فيتجه حينئذ ما ذكرناه في الوقف المؤبد، والله العالم.