صحة هذا الشرط، وكون القصد الوقف إنما هو للخبرين المزبورين، إذ قد عرفت أنهما - بعد احتمالهما ما سمعت - لا يصلحان لاثبات مثل هذا الحكم المخالف للضوابط من وجوه، وليس بأولى من القول بصحته وقفا على هذا الوجه، بمعنى أنه له حكم الحبس نحو ما سمعته منافي حمل كلامهم في الوقف على من ينقرض، بل هو صريح الفاضل في المختلف، وإن كان هو هنا فيه ما لا يخفى فلا محيص حينئذ عن القول بالصحة حسب ما قلناه.
ومما ذكرناه يظهر لك الوجه في المسألة وأقوالها وأدلتها، بل وما في الفوائد التي ذكرها في المسالك، بل وما في غيرها من كتب الأصحاب أيضا، هذا ويمكن حمل عبارة المصنف والفاضل وما شابهها على إرادة بطلانه وقفا على كل حال وإن حبسه وصيرورته إرثا بعد عوده إليه للحاجة، لا كما ذكره في المسالك، أو يراد حكم الحبس فيها، أو غير ذلك.
ومن الغريب بعد ذلك كله دعوى ابن إدريس الاجماع على البطلان، ومن هنا حكم بخطائه في المختلف قال: " فإنه قد ذكرنا ما صرنا إليه وهو قول أكثر علمائنا، حتى أن السيد المرتضى ادعى الاجماع عليه، واحتج عليه بأن كون الشئ وقفا تابع لاختيار الواقف، وما يشترط فيه، فإذا شرط ما ذكرناه كان كسائر ما يشترطه واعترض على نفسه بأن هذا شرط يناقض كونه وقفا وحبسا بخلاف غيره من الشروط، وأجاب بأنه غير مناقض لأنه متى لم يختر الرجوع فهو ماض على سبيله، وإن مات قبل العود نفذ نفوذا ثابتا، وهذا حكم ما أفاده في عقد الوقف، فكيف يكون نقضا لحكمه، ولا يقاس على العتق لبطلانه وللفرق بعدم صحة دخول الشرط مطلقا في العتق، بخلاف الوقف الذي لا فرق بين هذا الشرط وغيره في الجواز، ثم اعترض وقال: فإن قيل: قد خالف ابن الجنيد فيما ذكرتموه، ثم أجاب بأنه لا اعتبار به، وقد تقدمه اجماع الطائفة، وتأخر أيضا عنه، وإنما عول على ظنون له وحسابات وأخبار شاذة لا يلتفت إلى مثلها.
(ولو شرط اخراج من يريد بطل الوقف) بلا خلاف أجده فيه كما عن المبسوط اعترافه به، بل قيل ظاهره نفيه بين المسلمين، بل في المسالك وعن صريح وظاهر