حشوه، بل قيل إن في اعتبار نطق مثل هذا اشكال، ينشأ من عدم استقرار حياته، فلا يجب بقتله دية كاملة، ولا قصاص في النفس بل حكمه حكم الميت، ولذا لا يصح اسلام الكافر في هذا الحال، ولا توبة الفاسق، فلا يعد حينئذ بيعه بيعا، ولا إقراره إقرارا، ومن صدق كونه عاقلا رشيدا، فالعمومات متناولة ولا يلزم من إلحاقه بالأموات في بعض الأحوال لدليل خاص، إلحاقه بهم في جميعها، وإن كان الأقوى الأخير.
(وأما) الثاني وهي (الأمراض التي) لا يقارنها الموت عادة بل (الغالب فيها السلامة ف) إن هذه (حكمها حكم الصحة، كحمى يوم وكالصداع عن مادة أو غير مادة، والرمد والدمل والسلاق) الذي هو غلظ في الأجفان عن مادة ردية غليظة، يحمر لها الجفنان، وينتثر الهدب بل ربما أدى إلى قلع الجفن، وفساد العين، ونحو ذلك من الأمراض التي ليست بمخوفة، بل قيل: منها الفالج، والسل المستمر لتطاول أزمانهما، وذلك لأن الفالج استرخاء لأحد شقي البدن لانصباب خلط بلغمي يفسد منه مسالك الروح، والسل داء يصيب الرية، ويأخذ البدن منه في النقصان والاصفرار، فليسا بمخوفين، لا في الأول ولا في الثاني، إذ الثاني منهما وإن كان لم يسلم منه صاحبه غالبا، لكن لا يخشى من الموت عاجلا فهو منزلة الشيخوخة والهرم، وقيل: إن انتهاءه مخوف، وابتداءه غير مخوف، لأن مدته تتطاول، فلا يخاف من الموت عاجلا، فإذا انتهى خيف منه، وربما قيل إن ابتداءه مخوف، فإذا استمر لم يكن مخوفا.
ولكنك خبير أنه لا وجه لهذا الخلاف بين الفقهاء، فإن الفقه لا مدخل له في ذلك، وإنما المرجع فيه قوانين الطب، والتجربة، خصوصا مع عدم معرفة زمان الانتهاء فإنه غير مضبوط كالابتداء.
وأما الواسطة فهي ما أشار إليها المصنف بقوله (وكذا ما يحتمل الأمرين حكمي العفن) المتعلقة بالأخلاط الأربعة مع تعفنها، وفي المسالك أن الحمى العفنية أنواع منها الورد، وهي التي تأتي كل يوم، والغب وهي التي تأتي يوما وتترك يوما والثلث تأتي يومين وتترك يوما وتعود في الرابع، والأخوين وهي التي تأتي يومين