أن المحكي عن أحد قولي الفاضل في القواعد نفوذه من الأصل أيضا، لأنه إنما يحجر عليه في التبرعات، والشراء ليس بتبرع فلا يكون محجورا عليه، والعتق حصل بغير اختياره، فلا يعتبر فيه الثلث، وإن كان فيه ما لا يخفى بعد ما ذكرناه.
أما لو اشتراه بما يزيد عن ثمن المثل، فلا ريب في كون الزائد محاباة يخرج من الثلث، بناء على القول بكون التبرعات منه كما أن الظاهر خروجه من الأصل على القولين لو ملكه بعوض موروث، ولكنه بغير اختياره، بمعنى استناده إلى أمر الشارع له به، مثل ما لو نذر في حال المرض إن جوزنا كونه من الأصل - أنه إذا وجد قريبه يباع بعوض هو قادر عليه اشتراه، فوجده وهو مريض فاشتراه، وقد يحتمل ضعيفا كونه من الثلث لحصول السبب المقتضي للتصرف في المرض.
وفيه أنه بعد أن كان لك سبب ايجاب الشارع صار بمنزلة الدين، وكذا لو ملكه بعوض غير موروث باختياره، كما لو آجر نفسه للخدمة به، فيعتق من الأصل على القولين، لعدم تفويته شيئا على الورثة، وأولى أن يملكه كذلك غير اختياره، بل بالزام الشارع، كما لو كان قد نذر تملكه بالإجارة كذلك.
ولو اشترى أباه بدون ثمن المثل بأن حاباه البايع بالنصف مثلا، فباعه إياه بخمسماءة، وهو يسوى ألفا صح حينئذ في سبعة أعشاره عند الشيخ ومن وافقه، لأن نصفه بمنزلة الهبة الذي تخرج من الأصل، وعشران منه ينفذ فيهما البيع، بناء على أن التركة ستماءة فثلثها منها ماءتان، فينفذ فيهما البيع، ويبطل في الباقي، ويرد من الثمن ثلاثماءة، فهي مع الماءة الباقية أربعة ثلثان للورثة.
وفيه: أن بطلان البيع في جزء من أحد العوضين يقتضي بطلانه في مقابله من العوض الآخر لأن المجموع في مقابل المجموع، وليست المحاباة هبة حقيقة، وإنما هي في معنى الهبة فتمتنع الصحة في مجموع أحد العوضين، والبطلان في البعض الآخر، فالمتجه حينئذ بطلان البيع في ثلاثة أخماس العبد، في مقابلة ما زاد على ثلث التركة، أعني ثلاثة أخماس الثمن، وهو ثلاثماءة، ويصح في خمسيه بماءتين فينعتق فيه الخمسان، ويكون التصرف في ثلث التركة أعني الماءتين - والله العالم.