نفوذهما معا منه (وإن قصر بدء بالأول فالأول حتى يستوفى الثلث وكان النقص على الأخير) بلا خلاف في شئ من ذلك عندنا ولا اشكال، لأن الأول قد وقع عن حال نفوذ تصرفه في ثلثه من غير حاجة إلى إذن الوارث، فإذا استوفى الثلث وقع التصرف حينئذ في حق الوارث المحتاج إلى الإجازة، من غير فرق في ذلك بين العتق وغيره، خلافا لبعض العامة، فقدمه مطلقا، وآخر منهم فساوى بينه وبين المحاباة على تقدير تأخيرها عنه، ولا ريب في ضعف الجميع.
وكذا الكلام على الأصح فيما لو أوصى بوصايا متعددة ما لم تقم قرينة على إرادة العدول، من غير فرق بين أن يكون في اللفظ ما يقتضي الترتيب وعدمه لأن السابق قد حكم بصحته، فلا يبطل إلا بدليل، ولخبر حمران (1) عن الباقر (عليه السلام) المتضمن لعتق من ابتدء بالوصية بعتقه ثم من بعده وهكذا، وقد تقدم البحث في ذلك والله العالم.
المسألة (الثانية: إذا جمع بين عطية منجزة و) عطية (مؤخرة) بعد الموت (قدمت المنجزة) وإن كانت متأخرة لاقتضائها الملك فعلا (فإن اتسع الثلث للباقي نفذ) أيضا (وإلا صح فيما يحتمله الثلث وبطل فيما قصر عنه) إلا إذا أجاز الوارث بلا خلاف ولا اشكال.
ومن ذلك كله ظهر لك أن المنجزات تشارك الوصية في توقف نفوذها على سعة الثلث أو إجازة الوارث، وفي البدءة بالأول فالأول، من غير فرق بين العتق وغيره، وفي أنها تصح عندنا للوارث وغيره، خلافا للعامة، وفي أن المدار على الثلث فيهما حال الموت لا قبله ولا بعده، أو قبله.
قيل: وفي أنه يزاحم بها الوصايا في الثلث، فيدخل النقص على الوصايا بسببها كما يدخل النقص على وصيته بسبب أخرى، وفيه نظر.
وفي أن فضيلتها ناقصة عن فضيلة الصدقة في الصحة، وفيه نظر، لأن النبي (صلى الله عليه وآله) (2) " سئل عن أفضل الصدقة فقال: إن تتصدق وأنت صحيح شحيح