قلت: لعل وجهه إن ذلك من الحقوق التي تسقط بالاسقاط، ولما في جامع المقاصد من أن مناط المنافع المذكورة الذمة، وإن تعلقت بالرقبة كما لو استأجره على وجه خاص، ثم أبرء ذمته أو أسلفه في حنطة وشرط كونها من حنطة بلد، ثم أبرء ذمته حينئذ، فيكون حقا للوارث، لأن ما يوهب للعبد فهو لسيده.
لكن فيه إمكان منع ذلك، بل هو تمليك لمنفعة البعد بالوصية نحو تمليك منفعة الدابة بها وبالإجارة مثلا، فليس موردها الذمة، والعبد لا ذمة له يتحقق فيه مثل ذلك نحو الحر، مع أنه يكمن فرض المقام في عبد لا ذمة لصغر، أو جنون أو غيرهما، والعبد غير قابل للهبة كالدابة، والمنافع غير قابلة لتعلق الهبة بها، نعم يتجه بقاؤه بعد الاسقاط عبدا مملوك المنافع بالملك الأول فتأمل.
ولو أسقطها بعد طرو العتق ففي جامع المقاصد " احتمل أيضا كونه للوارث، لأن العتق لم يؤثر في المنافع وإنما أثر في الرقبة، وبقيت المنافع مستثناة مملوكة، فإذا أسقط حقه منها رجعت إلى الوارث، لكونها متلقاة عن مورثه للموصى له، فإذا بطل حقه منها عادت إلى الوارث، لقيامه مقامه ".
وفيه أن المتجه على ما ذكره أو لا كونها للعبد، لأنه إذا جعل محلها الذمة - ولذا أسقطها بالاسقاط - اتجه حينئذ عدم ملك أحد غيره لمنافعه، بل على ما ذكره أخيرا أيضا فإنه هنا حر قابل للتمليك، هذا كله في العبد أو الدابة الموصى بمنفعتها أما لو كان الموصى بمنفعته نخلا مثلا أو دارا فاحتاجا إلى السقي والتعمير لم يجبر أحدهما لو امتنع، لأن المالك لا يجبر على المصلحة، ولا على مصلحة غيره.
نعم لو أراده أحدهما على وجه لا يضر بالآخر، لم يكن له المنع على الظاهر، فما في المسالك من احتمال طرد الخلاف في نفقة الحيوان بناء على وجوب ذلك على المالك حفظا للمال، لا يخلو من نظر، إذ المسلم حرمة اتلافه سرفا وتبذيرا، لا وجوب حفظه بالمعنى المفروض، بل الظاهر عدم الفرق في ذلك بين المنفعة المؤبدة وغيرها كما هو واضح والله العالم.
(و) كيف كان ف (للموصى له التصرف في المنفعة) على وجه لا ضرر في