أعطى أقل ما يصدق عليه الاسم، لأنه المتيقن ".
قلت: لم لا يكون التخيير للحاكم أو عدول المسلمين في المصاديق كالوارث اللهم إلا أن يقال: إن المخاطب بالتنفيذ أولا وبالذات الوارث، فالخطاب في الحقيقة له، ولكن ناب غيره، للتعذر، فيقتصر على المتيقن مما يعينه المنوب عنه، لو كان قد باشر التعيين.
نعم قد يقال: إن ذلك هو المتجه فيما لو أوصى الموصي إلى غير الوارث بتنفيذ وصيته المزبورة، فإنه يكون حينئذ هو المخاطب، فله التعيين بأي مصداق ما لم يتجاوز الثلث وإن كنت لم أجد مصرحا به.
ثم إن الظاهر اعتبار التمول في المصداق، وإن سلم صدق المطلق على غيره، إلا أنه قد يقطع بعدم إرادة الموصي إياه، بل قد يقال: باعتبار الأزيد من التمول في الجليل والجزيل والعظيم ونحو ذلك من الألفاظ، لشهادة العرف الذي هو المرجع فيها، خصوصا لو جمعها فقال: أعطوا زيدا مالا جزيلا، أو قسطا عظيما، وعمروا مالا يسيرا أو قسطا يسيرا أو قال: عظيما جدا، أو قليلا كذلك، فلا بد حينئذ من التميز بين الشخصين بذلك.
وما في المسالك هنا - من احتمال إرادة الأقل نظرا إلى أن جميع المال متصف بذلك في نظر الشرع، ومن ثم حكم بكفر مستحل قليله وكثيره، كما نبهوا عليه في الاقرار بمثل ذلك متفقين على الحكم في الموضعين، ولا ينافيه مع ذلك وصفه بالقلة ونحوها لاختلاف الحيثية بقلته من حيث المقدار، وجلالته من حيث الاعتبار.
وعلى هذا فلو قال: أعطوا زيدا قسطا عظيما، وعمروا قسطا يسيرا، لم يشترط تمييز الوارث بينهما بزيادة الأول عن الثاني، كما ذكرناه كما ترى، مجرد دعوى، يشهد العرف الذي قد أمرنا باتباعه على خلافها.
(ولو قال: أعطوه كثيرا قيل:) والقائل الشيخ والصدوق وجماعة على ما قيل:
(يعطي ثمانين درهما كما في النذر) للرواية التي وردت فيه (1) مستدلا بها على ذلك بقوله تعالى " ولقد نصركم الله في مواطن كثيرة " (و) قد كانت ثمانين، بل عن الشيخ تعديتها