هو الظاهر أيضا بقرينة التفصيل بين المتهم وغيره، ولا ينافيه اطلاق الوصية في جواب الإمام (عليه السلام) لمعروفية اطلاقه على الاقرار الواقع في مرض الموت، وكأنه أومأ إليه في الدروس، فإنه بعد أن حكى عن القاضي أنه قال: لو أوصى له بسلة زعفران دخل، و يدخل الشرب بالوصية بالضيعة وما شابهه إذا كان عدلا، فإن كان متهما لم تنفذ الوصية في أكثر من ثلثه، وعن الشيخ في النهاية أنه قيد بهذا القيد " قال: وكأنهما يريانه اقرارا ".
قلت: لكن المعروف نقل ذلك عن الشيخ قولا في المسألة، بل لعله إليه أشار المصنف بقوله (وفيه قول آخر بعيد) بل هو واضح الفساد، ضرورة عدم مدخلية التهمة وعدمها فيما نحن فيه من الوصية.
ولكن الأمر في ذلك سهل بعد كون الظاهر أن بناء هذا الخبر على تقدير دلالته وغيره من أخبار المقام على كشف العرف، وأن الحكم بذلك لأنه في العرف كذلك، لا أنه يحكم به وإن لم يفهم منه في العرف، كما توهمه في الرياض حيث حكم في الصندوق بما عرفت للرواية المجبورة بما سمعت، ثم قال: إلا أن العرف لا يساعده، فيشكل من هذه الجهة، ولكن لا مندوحة عن العمل بها، إلا أن توجد قرينة على عدم الدخول فتتبع، ومقتضاه الحكم بدخول ما فيه وإن لم يفهم من العرف ذلك، وهو شئ عجيب باعتبار اقتضائه اخراج المال عن صاحبه من دون قصد، وبلا سبب ناقل منه، ومثله كيف يندرج في الوصية، ويلحقه أحكامها، فلا مناص حينئذ عن تنزيل هذه الأخبار على ما يقتضيه العرف، وهو في السيف واضح، بل والصندوق إذا كان معدا للظرفية، والمقصود منه ما فيه، نحو ما يستعمله التجار في صناديق النيل والقماش، والكافور ونحوها، فإنه لا يشك أحد في وصية أحدهم بصندوق خاص منها في إرادة ما فيها، بل والسفينة و المركب إذا كانت أيضا كذلك، بخلاف الصندوق الذي يستعمله كثير من الناس للوضع عليه غالبا، وللوضع فيه اتفاقا والسفينة التي هي كذلك، بحيث يكون المقصود منها الظرف لا المظروف، ومع الشك فلا ريب في وجوب الاقتصار على ما علمت الوصية به، ولو من ظهور لفظ، ولعله بذلك تتفق كلمة القائل بالدخول في جميع ما عرفت وهو المشهور