عدم الاتفاق على اشتراط القربة، حيث استدلوا على أن الابراء لا يحتاج إلى القبول بقوله تعالى (1) " وأن تصدقوا خير لكم " وفسروا الصدقة هنا بالابراء، مع أنه غير مفتقر إلى القربة، ويلزم منه عدم افتقارها إلى القبول أيضا كذلك، إلا أن يقال: إنها تطلق على معنيين: خاص وعام، وأن الابراء صدقة بالمعنى العام، وكلامهم هنا في المعنى الخاص وقد تقدم في الوقف أنه صدقة، والأخبار مشحونة به، مع أن الأصح عدم اعتبار نية القربة فيه، وهذه فوائد اعتبار معنى العام ".
(و) كيف كان فتفتقر صحتها مع الايجاب والقبول إلى (اقباض) أي القبض بإذن، بلا خلاف أجده فيه، كما اعترف به غير واحد، بل قيل: إنه قد يلوح الاجماع على ذلك، أو يظهر من المبسوط وفقه الراوندي بل عن التذكرة، الاجماع عليه في موضعين وهو الحجة بعد النصوص المذكورة في الوقف، كحسنة عبيد بن زرارة (2) عن الصادق (عليه السلام) " في رجل يتصدق على ولد له قد أدركوا فقال: إذا لم يقبضوا حتى يموت فهو ميراث " و غيره مما تقدم سابقا لما عرفت من أعمية الصدقة من الوقف، فترك الاستفصال حينئذ يقتضي العموم، بل قد يدعى أنه المتبادر من نصوص الصدقة المشتملة على ذلك فإنها بمعنى الاعطاء صدقه، بل ربما يستدل بأصالة عدم الصحة أيضا، إلا أنه في غير محله، لانقطاعه بالعمومات.
نعم يتجه الاستدلال عليه بما دل على اعتباره في الهبة بناء على أنها هي مع زيادة نية القربة التي اقتضت عدم جواز الرجوع بها بعد اجتماع شرائط صحتها التي منها الاقباض المزبور.
(و) حينئذ ف (لو قبضها المعطى له، من غير رضا المالك لم ينتقل إليه) لعدم حصول الاقباض الذي هو بمعنى القبض بالإذن، كما في كل مقام كان القبض فيه من شروط الصحة، لا لكونه منهيا عنه حينئذ بدون الإذن، إذ هو معاملة لا ينافي ترتب أثره عليه كونه محرما، ولكن لكون الشرط الاقباض ولو للاجماع على ذلك، لم