وفي الحدائق الظاهر أن اطلاق الصدقة على هذا المعنى المشهور المشروط بالشروط المعلومة أمر محدث، لم يكن في زمنه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإنما كان الذي في زمنه النحل والهبات، والصدقة يومئذ إنما تستعمل بمعنى الوقف، كما في صدقات على و فاطمة (عليهما السلام) والكاظم (عليه السلام) (1)، ثم استدل على ذلك بخبر عبيد المزبور، مدعيا ظهوره في السؤال عن الصدقة المعهودة، فأجاب بأنها بهذا المعنى محدث، وإنما المستعمل يومئذ النحل والهبة، ثم أجاب بأن من أعطى لله أي قرن عطيته بالقربة صدقة أو هبة أو نحله لا ينبغي الرجوع فيه، وأما قوله ولمن وهب فالمراد به عدم القربة، وفيه أن ما ورد من الكتاب والسنة بهذا اللفظ مرادا به هذا المعنى لا يكاد يحصى، فليس المراد إلا حصول الحدوث بالمعنى الذي ذكرناه، ولعله هو الذي ينطبق عليه ما عن التذكرة و المسالك من أن الهبة أعم من الصدقة، لاشتراطها بالقربة دونها، وأن الهدية أخص من الهبة أيضا لأنها تفتقر إلى حمل الهدى من مكان إلى مكان، فلا يقال: أهدى إليه دارا أو عقارا، بل يقال: وهبه ذلك، فلو نذر الهبة برئ بالصدقة والهدية، ولو حلف أن لا يهب حنث إذا تصدق أو أهدى، دون العكس، وهل يعتبر في حد الهدية أن يكون بين المهدي والمهدى إليه واسطة أو رسول وجهان: أظهرها العدم وهو جيد، إلا أنك ستعرف أنها أعم منه من وجه.
(و) على كل حال ف (هي عقد يفتقر إلى ايجاب وقبول) بلا خلاف محقق أجده فيه، بل عن ظاهر المبسوط وفقه الراوندي والغنية والكفاية والمفاتيح الاجماع عليه، بل صريح بعض وظاهر آخر اعتبار ما يعتبر في العقد اللازم فيها.
لكن في الرياض يعتبر فيها ما يدل على الايجاب والقبول ولو فعلا، وفاقا لبعض أصحابنا خلافا لجماعة فاشترطوا فيها ما يشترط في العقود اللازمة، واطلاق النصوص بلزوم الصدقة بعد القبض وقصد القربة يدفعه، وهي وإن اشتملت ما ليس فيه ايجاب و قبول بالمرة، إلا أن اعتبارهما ولو فعلا لازم البتة، فإن مع عدمها لا يعلم كونها صدقة مضافا إلى عدم انصراف الاطلاق بحكم التبادر إلى خلافهما، هذا مضافا إلى الاتفاق