في الظاهر على اعتبارهما في الجملة، وسيأتي عن المبسوط أن عليه اجماع الإمامية، و فيه أن ما ذكره أيضا مناف للمتفق عليه في الظاهر من كونها عقدا بالمعنى المتعارف الذي قد عبروا به في غيرها من العقود، ومن المعلوم عدم تحققه اصطلاحا بالايجاب الفعلي كما أن من المعلوم تحقق الصدقة بالأفعال، ولو من الطرفين، فلا محيص عن التزام أن لها عقدا أو معاطاة على نحو ما سمعته في البيع، بل كان ينبغي التزام الجواز في الثاني وإن اندرج تحت اسم الصدقة على نحو اندراجها في اسم البيع، إلا أن ظاهر قوله في نصوص المقام " أن ما كان لله تعالى لا رجوع فيه " يقتضي لزومها، ضرورة استبعاد حمله على خصوص العقد منها، كاستبعاد القول بجوازها وإن قصد الله تعالى شأنه فيها، باعتبار عدم العقد فيها، فيتعين القول بلزومها وإن كانت معاطاة، إذ هو جهة غير جهة العقدية والمعاطاتية، والمتفق عليه في باب المعاطاة من الفرق بين العقد اللازم ومعاطاته بالجواز وعدمه، إنما هو إذا كان اللزوم من جهة العقدية، لا ما إذا كان من جهة هي متحققة في العقد ومعاطاته، بل لولا الجهة المخصوصة لكان عقدها جايزا ضرورة كونه حينئذ هبة، وهي من العقود الجايزة.
ومن ذلك يعلم أنه لا وجه لاعتبار ما يعتبر في العقود اللازمة من اللفظ المخصوص ونحوه، ضرورة كون لزومها من جهة القربة لا من جهة العقدية، فهي حينئذ كالهبة المعوضة.
نعم يبقى شئ وهو احتمال دعوى أعمية الصدقة من العقد، ضرورة صدقها على الابراء المتقرب به، والوقف كذلك، بل وعلى بذل الطعام والماء ونحوهما للفقراء والمساكين مثلا، وإن لم يكن على جهة معنى العقدية الذي هو قصد الارتباط بالايجاب والقبول، ولقد كان علي بن الحسين (عليه السلام) (1) " يتصدق على الفقير في السر على وجه لا يحصل فيه معنى العقدية، بل لا يبعد كونها دفع المال مجانا قربة إلى الله تعالى شأنه، فإن كان مورده الابراء، كان صدقة وابراء، وإن كان مورده الهبة، كان هبة وصدقة، وإن كان مورده الوقف، كان وقفا وصدقة، وإن كان غير ذلك كان