تقع في يد الرب قبل يد العبد (1)، وتقضى الدين وتخلف البركة وتزيد في المال، ويستحب التبكير بها لدفع شر ذلك اليوم (2) وفي أول الليل كذلك (3) وأنها تدفع ميتة السوء والداء، والدبيلة، والحرق، والغرق، والهدم، والجنون إلى أن عد سبعين بابا من السوء (4) إلى غير ذلك مما ورد فيها، هذا.
ولكن قال الصادق (عليه السلام): في خبر زرارة (5) " إنما الصدقة محدثة، إنما كان الناس على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ينحلون ويهبون، ولا ينبغي لمن أعطى لله شيئا أن يرجع فيه، قال: وما لم يعط لله تعالى أو في الله تعالى، فإنه يرجع فيه نحلة كانت أو هبة حيزت أو لم تحز، ولا يرجع الرجل فيما يهب لامرأته ".
ولعل المراد على ما قيل: أن الناس كانوا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يتصدق بعضهم على بعض، إذا أرادوا معروفا فيما بينهم، سوى الزكاة وما يعطى لأهل المسكنة، بل كانوا يهبون وينحلون، إما لإرادة تحصيل ملكة الجود، أو لإرادة سرور الموهوب له، والإثابة منه، وغير ذلك، وإنما صدقة بعضهم على بعض في غير الزكاة و الترحم للمساكين أمر محدث، أعني القصد بالهبة والنحلة لله تعالى شأنه المسمى ذلك بالصدقة محدث، كما يشهد لذلك في الجملة ما في خبر ولده (6) " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يتصدق بالصدقة أله أن يرجع في صدقته؟ فقال: إن الصدقة محدثة، إنما كان النحل والهبة، ولمن وهب أو نحل أن يرجع في هبته حيز أو لم يحز ولا ينبغي لمن أعطى شيئا لله عز وجل أن يرجع فيه ".
وربما احتمل كون المراد حدوث الصدقة بمعنى الوقف، إلا أنه كما ترى، ومن هنا قال في محكي المبسوط: إذا قصد الثواب والتقرب بالهبة إلى الله تعالى سميت صدقة، وفرق بذلك بينها وبين الهبة والهدية.