فإنهما حينئذ عمري ورقبى، ولا يقال: سكنى، أو كان موردهما غير المسكن بل دابة ونحوها، كذا في المسالك حاكيا له عن الأكثر، بل ستسمع فيما يأتي التصريح منه بأن العمرى و الرقبى المتعلقة بالمسكن هما كالسلم والصرف بالنسبة إلى البيع، أي قسم خاص من السكنى.
لكن لا يخفى عليك أولا: أن مقتضاه اطلاق السكنى عليهما وإن كانت الصيغة بلفظهما، كاطلاق البيع على السلم والصرف.
وثانيا: أن المعلوم من النص والفتوى تباين العقود، وأنه لا يجتمع عقدان في عقد واحد، ضرورة كون كل منهما سببا مستقلا في نفسه، كما أن المعلوم منهما هنا أن هذه العقود الثلاثة كغيرها من العقود، بدليل - اختلاف مواردها في كثير من المقامات - وغيره، ومع فرض اتحاد موردها واتحاد الصيغة القابلة لكل منهما يجب التمييز بالنية و القصد، كالصلح والبيع والهبة المعوضة.
بل قد يظهر من المحكي عن التحرير عدم إمكان اجتماعها أصلا، قال: " إن كانت السكنى مطلقة أو يقول أسكنتك عمري أو عمرك، أو مدة معينة من الزمان قيل: سكنى، و إن قيدت بالعمر بأن يقول: أعمرتك مدة عمرك أو عمري قيل: عمري وإن قرنت بالمدة قيل: رقبى، بأن يقول: أرقبتك هذه الدار مدة " ضرورة ظهوره في اعتبار تحقق كل منها الصيغة باسمها بل لعل التباين ظاهر المحكي عن الوسيلة والكافي.
قال في الأولى: " العمرى أن يجعل منفعة داره أو ضيعته لغيره مدة حياته، و الرقبى أن يجعلها مدة معلومة، والسكنى أن يجعل سكناها لغيره مدة عمر أحدهما ".
وفي الثاني: السكنى أن يجعل منفعة سكناها لغيره مدة معلومة، والرقبى أن يسكنه فيها مدة حياة المالك، والعمرى أن يسكنه فيها طول عمر المعمر " أي الغير.
وعن المبسوط والخلاف والمهذب وفقه القرآن للراوندي والغنية والسرائر أن صورة الرقبى صورة العمرى، إلا أن اللفظ يختلف، فإنه يقول: أعمرتك هذه الدار مدة حياتك أو حياتي، الرقبى يحتاج أن يقول أرقبتك هذه الدار مدة حياتك أو