بينه وبين الخبر المتقدم في الباب السابق المتضمن لتعليق الامر بالمضي في الصلاة حينئذ على الركوع، والامر بالانصراف للوضوء قبله توجب تخصيص الدخول في هذا الخبر بما يحصل معه الركوع، وليس بالبعيد بعد ملاحظة كون السؤال عمن صلى ركعتين، فكأن التعليل لم يقع على حقيقة وإنما هو تقريب للحكم إلى بعض الأذهان، ومثله كثير في التعليلات الواقعة في الاخبار، والباعث عليها علمهم عليهم السلام باستشراف السائلين إليها، وقد علم هذا أيضا من شأن زرارة وهو أحد الراويين للخبر.
ولقد أغرب العلامة ههنا في المنتهى حيث رجح القول بعدم القطع مطلقا، وعزى إلى الشيخ الاحتجاج لاشتراط الركوع بالخبر المذكور، وأجاب بحمله على الاستحباب بدليل قوله عليه السلام فيه: " فإن التيمم أحد الطهورين " إذ العلة ثابتة قبل الركوع، قال: ويمكن أن يحمل قوله:
" وقد دخل في الصلاة " على معنى قارب الدخول فيها أو دخل في مقدماتها من التوجه بالاذان والتكبيرات، وقوله: " فلينصرف وليتوضأ ما لم يركع " أي ما لم يدخل في الصلاة ذات الركوع، فأطلق على الصلاة اسم الركوع مجازا، قال: وهذان المجازان وإن بعدا إلا أن المصير إليهما للجمع أولى، وأنت تعلم أن ارتكاب المجاز المستلزم لزيادة التكلف في طريق الجمع إنما يتصور إذا ضاق المجال عن غيره لا مع سعته لما هو أوضح منه وأنسب كما ذكرناه.
وقال المحقق في المعتبر - بعد أن حكى عن الشيخ القول باشتراط الركوع -: فإن احتج الشيخ بالروايات الدالة على الرجوع ما لم يركع، فالجواب عنه أن أصلها عبد الله بن عاصم فهي في التحقيق رواية واحدة، وهذا أيضا عجيب من المحقق وكأنه لم يقف إلا على الاخبار المروية عن عبد الله بن عاصم، والامر فيها كما ذكر، مضافا إلى أنها ضعيفة الطريق ولذلك لم نتعرض لها لكنها عاضدة للخبر الذي ذكرناه، مرجحة للعمل