إن شاء الله.
قال خلف: فراعيت الليل حتى إذا رأيت الناس قد قل اختلافهم بمنى توجهت إلى مضربه، فلما كنت قريبا إذا بأسود قاعد على الطريق فقال: من الرجل؟ فقلت: رجل من الحاج، فقال: ما اسمك؟ فقلت:
خلف بن حماد، فقال: ادخل بغير إذن فقد أمرني أن أقعد ههنا فإذا أتيت أذنت لك، فدخلت فسلمت فرد السلام وهو جالس على فراشه وحده، ما في الفسطاط غيره، فلما صرت بين يديه ساءلني ساءلته (2) عن حاله، فقلت له: إن رجلا من مواليك تزوج جارية معصرا لم تطمث فافترعها فغلب الدم سائلا نحوا من عشرة أيام (3) لم ينقطع، وإن القوابل اختلفن في ذلك، فقال بعضهم: دم الحيض وقال بعضهم: دم العذرة (4)، فما ينبغي لها أن تصنع؟
قال: فلتتق الله فإن كان من دم الحيض فلتمسك عن الصلاة حتى ترى الطهر وليمسك عنها بعلها، وإن كان من العذرة فلتتق الله ولتتوضأ ولتصل ويأتيها بعلها إن أحب ذلك، فقلت له: وكيف لهم أن يعلموا ما هو (5) حتى يفعلوا ما ينبغي؟ قال: فالتفت يمينا وشمالا في الفسطاط مخافة أن يسمع كلامه أحد، قال: ثم نهد إلي (6) فقال: يا خلف سر الله فلا تذيعوه ولا تعلموا هذا الخلق أصول دين الله بل ارضوا لهم ما رضي الله لهم من ضلال.
(هامش) (1) أي إذا سكنت الأرجل عن التردد وانقطع الاستطراق، يعني بعد ما يسكن الناس عن المشي والاختلاف في الطريق.
(2) في المصدر " سألني وسألته ".
(3) في المصدر " لم تطمث فلما اقتضها سال الدم فمكث سائلا لا ينقطع نحوا من عشرة أيام ". والافتراع: إزالة البكارة بمعنى الافتضاض.
(4) في المصدر " فقال بعضهن: دم الحيض وقال بعضهن: دم العذرة ".
(5) في المصدر " مما هو ".
(6) أي نهض وتقدم أو قصد إلى. (*)